للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليها، وإنْ لم يكنْ لذلكَ غايةٌ لم يُنتظرْ، ومتى عادَ السمعُ فإنْ كانَ قبلَ أخذِ الدِّيةِ سقَطتْ، وإنْ كانَ بعدَه رُدَّتْ على ما قُلنا في البَصرِ (١).

الدِّيةُ في شَعرِ اللِّحيةِ والحاجبَينِ وشَعرِ الرأسِ والأهدابِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في شَعرِ اللِّحيةِ إذا أذهَبَه إنسانٌ ولم يَنبتْ، وكذا شَعرُ الرأسِ والحاجِبينِ والأهدابِ، هل تَجبُ فيه الدِّيةُ؟ أم تَجبُ حُكومةُ عَدلٍ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والحَنابلةُ إلى وُجوبِ الدِّيةِ في شَعرِ الرأسِ أو اللِّحيةِ أو الحاجبَينِ إذا لم يَنبتْ، وسَواءٌ حلَقَه أو نتَفَه؛ لأنه أذهَبَ الجَمالَ على الكَمالِ، فوجَبَ فيه ديةٌ كاملةٌ كأذنِ الأصَمِّ وأنفِ الأخشَمِ، ولأنَّ الحاجبَ يَرُدُّ العرَقَ عن العَينِ ويفرِّقُه، وهُدبُ العينِ يَردُّ عنها ويَصونُها، فجرَى مجرَى أجفانِها، وفي أحَدِ الحاجِبينِ نصفُ الدِّيةِ؛ لأنَّ كلَّ شَيئينِ فيهما الدِّيةُ ففي أحَدِهما نصفُها كاليَدينِ، وفي بعضِ ذلكَ أو ذَهابِ شَيءٍ مِنْ الشُّعورِ المَذكورةِ مِنْ الدِّيةِ بقِسطِه مِنْ ديَتِه يُقدَّرُ بالمساحةِ.

ولا تَجبُ الدِّيةُ في شَيءٍ مِنْ هذه الشُّعورِ إلا بذَهابِه على وَجهٍ لا يُرجَى عَودُه، مثلَ أنْ يَقلبَ على رأسِه ماءً حارًّا فتَلفَ مَنبتُ الشَّعرِ فيَنقلعُ بالكُليةِ بحيثُ لا يَعودُ، وإنْ رُجيَ عَودُه إلى مُدةٍ انتُظرَ إليها، وإنْ عادَ الشَّعرُ قبلَ أخذِ الدِّيةِ لم تَجبْ، فإنْ عادَ بعدَ أخذِها رَدَّها، والحُكمُ فيه كالحُكمِ في ذَهابِ السَّمعِ والبَصرِ فيما يُرجَى عَودُه وفيما لا يُرجَى.


(١) «المغني» (٨/ ٣٤٥، ٣٤٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>