للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ المالِكيةُ: إن دخَلَ مُسافِرٌ مع قَومٍ ظَنَّهم مُسافِرينَ فنَوى القَصرَ ودخَلَ معهم، فظهَرَ خِلافُه وأنَّهم مُقيمُونَ أو لم يَظهَر شَيءٌ، أعادَ أبدًا؛ لمُخالفَتِه إمامَه؛ لأنَّه -أي: الدَّاخِلَ- خالَفَه نيَّةً وفِعلًا؛ لأنَّه إن سلَّمَ مِنْ اثنتَينِ خالَفَه نيَّةً وفِعلًا، وإن أتَمَّ فقد خالَفَه نيَّةً، وفعَلَ خِلافَ ما دخَلَ عليه، فهو كمَن نَوى القَصرَ وأتَمَّ عَمدًا.

وأمَّا إذا لم يَظهَر شَيءٌ بأن ذَهَبوا حينَ سلَّمَ الإمامُ مِنْ رَكعَتينِ، ولم يَدرِ أهي صَلاتُهم، أو أخِيرَتا تَامَّةٍ، فوَجهُ البُطلانِ احتِمالُ حُصولِ المُخالَفةِ، أي أنَّه يَحتمِلُ مُوافَقةَ الجَماعةِ له في كَونِهم مُسافِرينَ، فتَكونُ الصَّلاةُ صَحيحةً، ويَحتمِلُ أنَّهم مُقيمُونَ، فيَلزمُ إمَّا مُخالَفةُ الإمامِ نيَّةً وفِعلًا، إن سلَّمَ مِنْ اثنَتَينِ، وإن أتَمَّ يَلزمُ مُخالفَتُه لِلإمامِ نيَّةً، ومُخالَفةُ نيَّتِه لفِعلِه، فقد حصَلَ الشَّكُّ في الصِّحةِ، وهو يُوجِبُ البُطلانَ (١).

اقتِداءُ المُقيمِ بالمُسافرِ:

إذا اقتَدَى مُقيمٌ خلفَ مُسافِرٍ في صَلاةٍ رُباعِيَّةٍ، فإنَّه يَلزمُه أن يُتمَّ صَلاتَه أربَعًا بعدَ تَسليمِ الإمامِ بإِجماعِ العُلماءِ (٢)، ويُستحبُّ لِلإمامِ بعدَ تَسليمِه أن يَقولَ لهم: «أَتِمُّوا صَلاتَكُم؛ فإنَّا قَومٌ سَفرٌ»؛ لمَا رَوى مالِكٌ وغيرُه عن ابنِ


(١) «حاشية الدُّسوقي مع الشرح الكبير» (١/ ٣٦٦، ٣٦٧)، و «الشرح الصغير» (١/ ٣١٨).
(٢) «الإجماع» لابن المُنذر (٢٧)، والمَصادِر السَّابِقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>