للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَنصيصٍ على بَيانِه عُلِمَ أنه رَدَّ ذلكَ إلى أهلِ العُرفِ؛ لأنه لا طَريقَ إلى مَعرفتِه إلا مِنْ جِهتِه، فيُرجَعُ إليه كمَا رجَعْنا إلى مَعرفةِ القَبضِ والفُرقةِ في البَيعِ وأشباهِ هذا.

ووجَدْنا في العُرفِ والعادةِ أنَّ الأحرازَ تَختلفُ باختِلافِ الأموالِ، فكانَ الاعتبارُ في الحُكمِ بالقطعِ بذلكَ (١).

بَيانُ الحِرزِ عندَ المذاهبِ الأربَعةِ:

قالَ الحَنفيةُ: الحِرزُ نَوعانِ: حِرزٌ بنَفسِه وحِرزٌ بغَيرِه:

أما الحِرزُ بنَفسِه: فهو كلُّ بُقعةٍ مُعدَّةٍ للإحرازِ مَمنوعةِ الدُّخولِ فيها إلا بالإذنِ كالدُّورِ والحَوانيتِ والخِيَمِ والفَساطيطِ والخَزائنِ والصَّناديقِ.

وأما الحِرزُ بغيرِه: فكُلُّ مكانٍ غيرِ مُعَدٍّ للإحرازِ يدخلُ إليهِ بلا إذنٍ ولا يُمنَعُ منه، كالمَساجدِ والطُّرقِ، وحُكمُه حُكمُ الصَّحراءِ إنْ لم يَكنْ هناكَ حافظٌ، وإنْ كانَ هُناكَ حافظٌ فهو حِرزٌ، لهذا سُميَ حِرزًا بغيرِه حيثُ وقَفَ صَيرورتُه حِرزًا على وُجودِ غيرِه وهوَ الحافظُ.

وما كانَ حِرزًا بنفسِه لا يُشترطُ فيه وُجودُ الحافظِ لصَيرورتِه حِرزًا، ولو وُجدَ فلا عِبرةَ بوُجودِه، بل وُجودُه والعَدمُ سَواءٌ، وكلُّ واحِدٍ مِنْ الحِرزَينِ مُعتبَرٌ بنَفسِه على حِيالِه بدونِ صاحبِه؛ لأنه علَّقَ القَطعَ بإيواءِ المُراحِ والجَرينِ مِنْ غيرِ شَرطِ وُجودِ الحافظِ.


(١) «أحكام القرآن» (٤/ ٦٤، ٦٥)، و «القوانين الفقهية» ص (٢٣٦)، و «البيان» (١٢/ ٤٤٤)، و «أسنى المطالب» (٤/ ١٤١)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٤٦٨)، و «المغني» (٩/ ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>