للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والوَجهُ الثاني: لا يَحرمُ؛ لأنَّ التَّعليلَ بالدافَّةِ كان لزَمانٍ على صِفةٍ فصار مَقصورًا عليه (١).

وقال الإمامُ النَّوويُّ : واختلَف العُلماءُ في الأخذِ بهذه الأحاديثِ فقال قَومٌ: يَحرمُ إمساكُ لُحومِ الأضاحيِّ والأكلُ منها بعدَ ثَلاثٍ، وإنَّ حُكمَ التَّحريمِ باقٍ كما قاله عليٌّ وابنُ عُمرَ، وقال جَماهيرُ العُلماءِ: يُباحُ الأكلُ والإمساكُ بعدَ الثَّلاثِ والنَّهيُ مَنسوخٌ بهذه الأحاديثِ المُصرِّحةِ بالنَّسخِ لا سيَّما حَديثَ بُريدةَ وهذا من نَسخِ السُّنةِ بالسُّنةِ، وقال بعضُهم: ليس هو نَسخًا بل كان التَّحريمُ لِعلةٍ، فلمَّا زالت زال لحَديثِ سَلمةَ وعائشةَ، وقيلَ: كان النَّهيُ الأولُ للكَراهةِ لا للتَّحريمِ، قال هؤلاء: والكَراهةُ باقيةٌ إلى اليومِ، ولكنْ لا يَحرمُ، قالوا: ولو وقَع مِثلُ تلك العلَّةِ اليومَ فدفَّت دافَّةٌ واساهُم الناسُ وحمَلوا على هذا مَذهبَ عليٍّ وابنِ عُمرَ.

والصَّحيحُ نَسخُ النَّهيِ مُطلقًا، وأنَّه لم يَبقَ تَحريمٌ ولا كَراهةٌ، فيُباحُ اليومَ الادِّخارُ فَوقَ ثَلاثٍ، والأكلُ إلى متى شاءَ؛ لصَريحِ حَديثِ بُريدةَ وغيرِه، واللهُ أعلمُ (٢).

إعطاءُ الجَزَّارِ شيئًا من الأُضحيَّةِ:

اتَّفق فُقهاءُ المَذاهبِ الأربَعةِ على أنَّه لا يَجوزُ أنْ يُعطيَ الجَزارَ شيئًا من الأُضحيَّةِ أُجرةً له، لِما رَواه مُسلمٌ عن عَليٍّ قال: «أمَرني رَسولُ


(١) «الحاوي الكبير» (١٥/ ١١٦).
(٢) «شرح صحيح مسلم» (١٣/ ١٢٩، ١٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>