للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صِفةُ التَّفرُّقِ:

قالَ الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ -وهُم القائِلونَ بخِيارِ المَجلِسِ-: لِكُلٍّ مِنْ المُتبايِعَيْنِ الخِيارُ ما لَم يَتفَرَّقا ببَدَنَيْهما، ولو أقاما فيه شَهرًا أو أكثَرَ، والمَرجِعُ في التَّفرُّقِ إلى عُرفِ النَّاسِ وعاداتِهم فيما يَعُدُّونَه تَفرُّقًا.

لأنَّ الشارِعَ علَّق عليه حُكمًا، ولَم يُبَيِّنْه، فدَلَّ ذلك على أنَّه أرادَ ما يَعرِفُه النَّاسُ، كالقَبضِ والإحرازِ، فإنْ كانا في فَضاءٍ واسِعٍ، كالمَسجِدِ الكَبيرِ والصَّحراءِ، فبِأنْ يَمشيَ أحَدُهما مُستَدبِرًا لِصاحِبِه خُطواتٍ.

وقيلَ: هو أنْ يَبعُدَ مِنه بحيثُ لا يَسمَعُ كَلامَه الذي يَتكلَّمُ به في العادةِ.

قالَ أبو الحارِثِ: سُئلَ أحمدُ عن تَفرِقةِ الأبدانِ، فقالَ: إذا أخَذ هذا كذا وهذا كذا فقد تَفرَّقا.

ورَوى مُسلِمٌ عن نافِعٍ قالَ: فكانَ ابنُ عمرَ إذا بايَعَ فأرادَ ألَّا يُقيلَه مَشَى هُنَيهةً ثم رجَع.

وإن كانا في دارٍ كَبيرةٍ ذاتِ مَجالِسَ وبُيوتٍ فالمُفارَقةُ أنْ يُفارِقَه مِنْ بَيتٍ إلى بَيتٍ، أو إلى مَجلِسٍ، أو صِفةٍ، أو مِنْ مَجلِسٍ إلى بَيتٍ، أو نَحوِ ذلك، فإنْ كانا في دارٍ صَغيرةٍ فإذا صَعِدَ أحَدُهما السَّطحَ أو خرَج مِنها فقد فارَقَه.


الوهاج» (٤/ ١٠٩، ١١٥)، و «المغني» (٤/ ٥، ١٠)، و «الكافي» (٢/ ٤٣، ٤٥)، و «كشاف القناع» (٣/ ٢٩٩، ٢٣٣)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٨، ١٠)، و «المبدع» (٤/ ٦٣، ٦٦)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٨٥، ٨٦)، و «فتح الباري» (٤/ ٣٢٨)، و «نيل الأوطار» (٥/ ٢٩٠، ٢٩٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>