للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل في الرُّجوعِ في الوَصيةِ وما تَبطلُ به

صِفةُ الوَصيةِ من حيثُ اللُّزومُ وعَدمُه والرُّجوعُ عنها:

أجمَعَ أهلُ العِلمِ على أنَّ الوَصيةَ عَقدٌ جائِزٌ غيرُ لازِمٍ إذا لم تَكُنْ في حَقٍّ واجِبٍ، وجائِزٌ للمُوصي أنْ يَرجعَ في وَصيتِه أو في بعضِها ما دامَ حَيًّا؛ لأنَّ الوَصيةَ عَقدُ تَبرعٍ فجازَ له الرُّجوعُ كما في الهِبةِ قبلَ القَبضِ، ولأنَّ تَمامَها بمَوتِ المُوصي، ولأنَّ القَبولَ يَتوقَّفُ على المَوتِ، ولأنَّ الإِيجابَ المُفردَ يَجوزُ إِبطالُه في المُعاوَضاتِ كالبَيعِ، ففي التَّبرعِ أوْلى؛ لأنَّ الذي وُجدَ من المُوصي حالَ حَياتِه هو الإِيجابُ فقط، فجازَ الرُّجوعُ فيه قبلَ القَبولِ كما في سائِرِ العُقودِ، كالبَيعِ وغيرِه، بل هو أَولى بالإِبطالِ من غيرِه قبلَ القَبولِ؛ لأنَّه عَقدُ تَبرعٍ (١).

قالَ الإِمامُ ابنُ المُنذرِ : أجمَعَ عَوامُّ أهلِ العِلمِ على أنَّ للرَّجلِ أنْ يَرجعَ في جَميعِ ما يُوصي به إلا العِتقَ (٢).


(١) «الأم» (٤/ ١١٨)، و «تبيين الحقائق» (٦/ ١٨٦)، و «حاشية ابن عابدين» (٦/ ٦٥٨)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٥٥٥)، و «الديباج» (٣/ ٩٦).
(٢) «الإجماع» (٣٤٧)، و «الإشراف» (٤/ ٤٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>