للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحَدُهما: أنهُ فاسدٌ؛ لأنهُ غيرُ مؤبَّدٍ، فأشبَهَ قولَهُ: «على أنَّني إذا أحلَلْتُكِ فلا نكاحَ بينَنَا»، فعلى هذا هل يُحِلُّها أم لا؟ على القولَينِ الماضيَينِ: على الجديدِ: لا يُحِلُّها، وعلى القديمِ: يُحِلُّها، وفي العلَّةِ وجهانِ.

والقولُ الثاني: أنهُ نكاحٌ صحيحٌ؛ لأنهُ نكاحٌ قُرِنَ بشرطٍ فاسدٍ، فبطَلَ الشرطُ وثَبَتَ العقدُ، فعلى هذا هوَ بالخيارِ بعدَ إصابَتِها بَينَ أنْ يطلِّقَها أو يُقيمَ معَهَا، وليسَ للشرطِ تأثيرٌ في إجبارِهِ على طلاقِهَا، فإنْ طلَّقَها مختاراً أحلَّها قولاً واحداً لصحَّةِ نكاحِهِ (١).

الصُّورةُ الثالِثةُ: أنْ يشتَرطَ عليه ذلكَ قبلَ العَقدِ أنْ يُطلِّقَها، ويَتزوجَها مُطلَقًا مِنْ غيرِ شَرطٍ وقتَ العَقدِ لكنَّه يَنوِي ذلكَ ويَعتقدُه:

اختَلفَ الفقهاءُ فيما لو شرَطَا التحليلَ قبلَ العقدِ وتَواطأَا عليهِ قبلَ العقدِ على أنه إذا أحلَّهَا للأوَّلِ طلَّقَها، ثمَّ عقَدَ مُطلَقًا دونَ أنْ يَذكرَ هذا الشرطُ في صُلبِ العقدِ، لكنَّهُ ينوِي أنْ يُحلِّلَها للأوَّلِ؛ هل يَصحُّ أم لا؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في وجهٍ إلى أنَّ النكاحَ صحيحٌ؛ لخلوِّ عقدِهِ مِنْ شرطٍ يفسدُهُ؛ لمَا رواهُ الشافعيُّ قالَ: أَخبَرَنا سعيدٌ عنِ ابنِ جُريجٍ عن مُجاهدٍ عن عُمرَ مثلَه، أخبَرَنا سُعيدُ بنُ سالمٍ عنِ ابنِ جُريجٍ قالَ: أُخبِرْتُ عنِ ابنِ سِيرينَ أنَّ امرأةً طلَّقَها زَوجُها ثلاثًا، وكانَ


(١) «الحاوي الكبير» (١٠/ ٣٣١، ٣٣٢)، ويُنظَر: «النجم الوهاج» (٧/ ١٧٧، ١٧٩)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٣٠٣)، و «نهاية المحتاج» (٦/ ٣٢٦، ٣٢٧)، و «الديباج» (٣/ ٢٥١، ٢٥٢) ..

<<  <  ج: ص:  >  >>