للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ قُدامةَ : وقَولُهم: إنَّه يَتضادُّ مَقصودُه في البَيعِ والشِّراءِ، قُلْنا: إنْ عيَّن المُوكِّلُ له الثَّمنَ، فاشترَى به، فقَد زالَ مَقصودُ الِاستِقصاءِ، وأنَّه لا يُرادُ أكثَرُ ممَّا قَدْ حصَل، وإنْ لَم يُعيِّنْ له الثَّمنَ تَقيَّدَ البَيعُ بثَمَنِ المِثلِ، كما لو باعَ الأجنَبِيُّ (١).

عَدمُ شِراءِ الوَكيلِ ممَّن تُرَدُّ شَهادَتُه له:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الوَكيلِ إذا وُكِّلَ في الشِّراءِ مُطلَقًا، هَلْ يَجوزُ له أنْ يَشترِيَ ممَّن تُرَدُّ شَهادَتُه له، مثلَ أولادِه وزَوجَتِه ووالِدَيْه أو لا؟ ففِي كلِّ ذلك تَفصيلٌ، بَيانُه على النحوِ الآتي:

أ- شِراءُ الوَكيلِ مِنْ أولادِه الصِّغارِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الوَكيلِ بالشِّراءِ المُطلَقِ هَلْ يَجوزُ له أنْ يَشترِيَ مِنْ أولادِه الصِّغارِ، وكذا المَحجورُ عليهم لِجُنونٍ أو سَفَهٍ أو لا يَجوزُ؟

فَذهَب الإمامُ أبو حَنيفةَ والمالِكيَّةُ في المَشهورِ والشَّافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه لا يَجوزُ لِلوَكيلِ بالشِّراءِ المُطلَقِ أنْ يَشترِيَ مِنْ وَلَدِه الصَّغيرِ، وكذا مَحجورِه السَّفيهِ والمَجنونِ؛ لأنَّه مُتَّهمٌ في حَقِّه، ويَميلُ إلى تَركِ الِاستِقصاءِ عليه في الثَّمنِ، كَتُهمَتِه في حَقِّ نَفْسِه، وذلك لا تُقبَلُ شَهادَتُه له، ولأنَّ مَواضِعَ التُّهَمِ مُستَثناةٌ مِنْ الوَكالةِ، والوَكيلُ يُتَّهَمُ في العَقدِ مَع هَؤُلاءِ؛ ولأنَّ كلَّ واحِدٍ


(١) «المغني» (٥/ ٦٩)، و «الكافي» (٢/ ٢٥٢، ٢٥٣)، و «الشرح الكبير» (٥/ ٢٢١)، و «المبدع» (٤/ ٣٦٧)، و «الإنصاف» (٥/ ٣٧٥)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٥٢، ٥٥٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٥٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>