للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إذا جامَعَ بعدَ انقِضاءِ مُدةِ الإيلاءِ هل تَلزمُه الكفَّارةُ أم لا؟

اختَلفَ أهلُ العِلمِ في الرَّجلِ إذا آلَى مِنْ زَوجتِه مدَّةً ثمَّ انقضَتِ المدَّةُ التي حلَفَ عليها وأرادَ أنْ يُجامِعَها بعدَ المدَّةِ، هل تَلزمُه كفَّارةٌ مع ذلكَ أم لا؟

فذهَبَ جُمهورُ أهلِ العِلمِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ في الصَّحيحِ والحَنابلةُ إلى أنَّ الزوجَ إذا آلَى مِنْ زَوجتِه بأنْ حلَفَ باللهِ أنْ لا يَطأَها أربعةَ أشهُرٍ أو أكثَرَ فوَطئَها في مدَّةِ التربُّصِ أو بعدَها فقَدْ حنَثَ في يَمينِه ووجبَتْ عليهِ الكفَّارةُ؛ لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ﴾ إلى قولِه: ﴿ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ﴾ [المائدة: ٨٩].

وقالَ سُبحانَه: ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ﴾ [التحريم: ٢].

وقالَ النبيُّ : «مَنْ حلَفَ على يَمينٍ فرَأى غيرَها خَيرًا منها فلْيَأتِ الذي هو خَيرٌ ولْيُكفِّرْ عن يَمينِه» (١)، وهذا عامٌّ في المُولِي وغَيرِه.

ولأنه حالِفٌ حانِثٌ في يَمينِه، فلَزمَتْه الكفَّارةُ كما لو حلَفَ على تَركِ فَريضةٍ ثمَّ فعَلَها، والمَغفرةُ لا تُنافي الكفَّارةَ؛ فإنَّ اللهَ تعالى قدْ غفَرَ لرَسولِه ما تقدَّمَ مِنْ ذَنبِه وما تأخَّرَ، وقد كانَ يَقولُ: «إنِّي واللهِ لا أَحلِفُ على يَمينٍ فأَرى غيرَها خَيرًا منها إلا أَتيْتُ الذي هو خَيرٌ وتَحلَّلتُها» متَّفقٌ عليهِ.


(١) رواه مسلم (١٦٥٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>