للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رُجوعُ المُعامِلِ لِلمُفلِسِ عليه بما عامَلَه به ولَم يَقبِضْ عَوَضَه:

مَنْ باعَ ولَم يَقبِضِ الثَّمَنَ حتى حُجِرَ على المُشتَري بالفَلَسِ والمَبيعُ باقٍ عِندَه بالشُّروطِ الآتيةِ فلِلبائِعِ فَسخُ البَيعِ واستِردادُ المَبيعِ؛ لقَولِ النَّبيِّ : «مَنْ أَدرَكَ مالَهُ بِعَينِهِ عندَ رَجُلٍ قد أَفلَسَ، أو إِنسَانٍ قد أَفلَسَ فهُوَ أحَقُّ بهِ مِنْ غَيرِهِ» (١).

ولا يَحتاجُ في الفَسخِ إلى حُكمِ حاكِمٍ بل يَفسَخُه بنَفْسِه على الأصَحِّ، ولو حَكَمَ حاكِمٌ بمَنعِ الفَسخِ لَم يُنقَضْ.

والأصَحُّ: أنْ خيارَه -أي الفَسخَ على الفَورِ- كخيارِ العَيبِ بجامِعِ دَفعِ الضَّرَرِ، ولو ادَّعى الجَهلَ بالفَوريَّةِ كان كالرَّدِّ بالعَيبِ، بل أوْلَى؛ لأنَّ هذا يَخفَى على أغلَبِ الناسِ، بخِلافِ ذلك.

والأصَحُّ: أنَّه لا يَحصُلُ الفَسخُ بالبَيعِ والهِبةِ ونَحوِ ذلك، وتُلْغَى هذه التَّصرُّفاتُ، كما لا يَحصُلُ بها في الهِبةِ لِلوَلَدِ.

والرَّأيُ الآخَرُ: يَحصُلُ كالبائِعِ في زَمَنِ الخيارِ.

ويَحصُلُ الفَسخُ ب: «فَسَختُ البَيعَ»، و: «نَقَضتُه»، و: «رَفَعتُه»، وكذا بقَولِه: «رَدَدتُ الثَّمَنَ»، أو: «فَسَختُ البَيعَ فيه»، في الأصَحِّ.

وله الرُّجوعُ في عَينِ مالِه بالفَسخِ في سائِرِ المُعاوَضاتِ التي كالبَيعِ، وهي المَحضةُ، كالإجارةِ والقَرضِ والسَّلَمِ؛ لِعُمومِ الحَديثِ السابِقِ، فإذا أجَّرَه دارًا بأُجرةٍ حالَّةٍ لَم يَقبِضْها حتى حُجِرَ عليه فله الرُّجوعُ في الدارِ


(١) رواه البخاري (٢٢٧٢)، ومسلم (١٥٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>