وإنْ سَكَتا عنه يُنظَرُ: إنْ كانَتِ الأرضُ ممَّا تُخرِجُ الزَّرعَ بدُونِ الكِرابِ زَرعًا مُعتادًا يُقصَدُ مِثلُه في عُرفِ النَّاسِ، لا يُجبَرُ المُزارِعُ عليه.
وإنْ كانَتْ ممَّا لا يُخرِجُ أصلًا، أو يُخرِجُ ولكنْ شَيئًا قَليلًا، لا يُقصَدُ مِثلُه بالعَملِ، يُجبَرُ على الكِرابِ؛ لأنَّ مُطلَقَ عَقدِ المُزارَعةِ يَقَعُ على الزِّراعةِ المُعتادةِ.
وعلى هذا إذا امتَنَعَ المُزارِعُ عن السَّقْيِ، وقالَ: أدَعُها حتى تَسقيَها السَّماءُ، فهو على قِياسِ هذا التَّفصيلِ أنَّه إنْ كانَ الزَّرعُ ممَّا يَكتَفي بماءِ السَّماءِ، ويُخرِجُ زَرعًا مُعتادًا بدُونِه، لا يُجبَرُ على السَّقْيِ، وإنْ كانَ مع السَّقْيِ أجوَدَ، فإنْ كانَ ممَّا لا يُكتَفَى به يُجبَرُ على السَّقْيِ؛ لِمَا قُلْنا (١).
٦ - جَوازُ الزِّيادةِ على الشَّرطِ المَذكورِ:
قالَ الحَنفيَّةُ: الأصْلُ فيه أنَّ كلَّ ما احتَمَلَ إنشاءَ العَقدِ عليه احتَمَلَ الزِّيادةَ، وما لا فلا، والحَطُّ جائِزٌ في الحالَيْنِ جَميعًا، كما في الزِّيادةِ في الثَّمنِ في بابِ البَيعِ.
إذا عُرِفَ هذا نَقولُ: الزِّيادةُ والحَطُّ في المُزارَعةِ على وجهيْنِ: