للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا: إنه كافرٌ لا يُقَرُّ على دِينِه، فلم تَحِلَّ ذَبيحتُه كالوَثنيِّ، ولأنه لا تَثبتُ له أحكامُ أهلِ الكِتابِ إذا تَديَّنَ بدِينِهم؛ فإنه لا يُقَرُّ بالجِزيةِ ولا يُستَرقُّ ولا يَحلُّ نِكاحُ المُرتدةِ، وأما قَولُ عليٍّ: «فهو منهُم» فلمْ يُرِدْ أنه منهُم في جَميعِ الأحكامِ؛ بدَليلِ ما ذكَرْنا، ولأنه لم يَكنْ يرَى حِلَّ ذَبائحِ نَصارَى بَني تَغلبَ ولا نِكاحَ نِسائِهم مع تَوليتِهم للنَّصارَى ودُخولِهم في دِينِهم ومع إقرارِهم بما صُولِحوا عليهِ، فلَأنْ لا يَعتقدَ ذلكَ في المُرتدينَ أَولى.

إذا ثبَتَ هذا فإنه إذا ذبَحَ حَيوانًا لغيرِه بغيرِ إذنِه ضَمِنَه بقِيمتِه حيًّا؛ لأنه أتلَفَه عليهِ وحرَّمَه، وإنْ ذبَحَه بإذنِه لم يَضمنْه؛ لأنه أَذِنَ في إتلافِه (١).

ذَبيحةُ الصابِئةِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ ذَبيحةِ الصابِئةِ، هل تُؤكلُ ذَبيحتُهم أم لا؟ بناءً على أنه هل لهُم كِتابٌ أم لا؟

قال الحَنفيةُ: وأما ذَبيحةُ الصابِئينَ -وهُمْ فِرقةٌ مِنْ النَّصارَى- فعندَ أبي حَنيفةَ: تُؤكلُ إذا كانُوا يُؤمِنونَ بنَبيٍّ ويُقرونَ بكِتابٍ، وإنْ كانُوا يَعبدونَ الكَواكبَ ولا يُقرِّونَ بنُبوَّةِ عيسَى لم تُؤكلْ (٢).

وقالَ الإمامُ القَرافِيُّ : ولا تَجوزُ ذَبيحةُ مَنْ ليسَ بكِتابيٍّ، ولا الصابِئةِ المُعتقِدةِ تَأثيرَ النجومِ؛ لأنهُم كالمَجوسِ (٣).


(١) «المغني» (٩/ ٢٢).
(٢) «الجوهرة النيرة» (٥/ ٤٥٣).
(٣) «الذخيرة» (٤/ ١٢٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>