للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هلِ الذي يَموتُ في قِتالِ البُغاةِ مِنْ أهلِ العَدلِ يكونُ شَهيدًا أم لا؟

اختَلفَ الفُقهاءُ في الذي يَموتُ في قتالِ البُغاةِ مِنْ أهلِ العَدلِ، هل يكونُ شَهيدًا أم لا؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في قَولٍ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنه شَهيدٌ ويُعامَلُ مُعامَلةَ الشهداءِ.

قالَ الحَنفيةُ: الشَّهيدُ: هو كلُّ مَنْ صارَ مَقتولًا في قِتالِ أهلِ الحَربِ أو البغاةِ أو قُطَّاعِ الطريقِ بمعنًى مضافٍ إلى العَدوِّ، كانَ شهيدًا بالمباشَرةِ أو التسبُّبِ، وكلُّ مَنْ صارَ مَقتولًا بمعنًى غيرِ مُضافٍ إلى العدوِّ لا يكونُ شهيدًا (١).

قالَ ابنُ قُدامةَ : فإن قُتلَ العادلُ كانَ شَهيدًا؛ لأنه قُتلَ في قتالٍ أمَرَ اللهُ تعالَى به بقَولِه: ﴿فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي﴾ [الحجرات: ٩].

وهل يُغسَّلُ ويُصلَّى عليهِ؟ فيه رِوايتانِ:

إحداهُما: لا يُغسَّلُ ولا يُصلَّى عليهِ؛ لأنه شَهيدُ مَعركةٍ أُمِرَ بالقتالِ فيها، فأشبَهَ شَهيدَ مَعركةِ الكفَّارِ.

والثَّانيةُ: يُغسَّلُ ويُصلَّى عليهِ، وهو قَولُ الأوزاعيِّ وابنِ المُنذرِ، ولأنَّ النبيَّ أمَرَ بالصلاةِ على مَنْ قالَ: (لا إلهَ إلا اللهُ) واستَثنى قتيلَ الكفَّارِ في المَعركةِ، ففيما عَداهُ يَبقى على الأصلِ، ولأنَّ شَهيدَ مَعركةِ الكفَّارِ أجرُه أعظَمُ وفَضلُه أكثَرُ، وقد جاءَ أنه يُشفَّعُ في سِبعينَ


(١) «المحيط البرهاني» (٢/ ٣١٢)، و «الفتاوى الهندية» (١/ ١٦٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>