للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوَكالةُ في الصَّرْفِ:

أجمَع أهلُ العِلمِ على صِحَّةِ التَّوكيلِ في الصَّرفِ، قالَ الإمامُ ابنُ المُنذِرِ : أجمَع كلُّ مَنْ نَحفَظُ عنه مِنْ أهلِ العِلمِ على أنَّ الوَكالةَ في الصَّرفِ جائِزةٌ.

فَلَو وكَّل رَجُلٌ رَجُلًا يَصرِفُ له دَراهِمَ، ووكَّل آخَرُ رَجُلًا آخَرَ يَصرِفُ له دَنانيرَ، فالتَقَيَا وتَصارَفَا صَرفًا ناجِزًا: أنَّ ذلك جائِزٌ، وإنْ لَم يَحضُرِ المُوكِّلانِ، أو أحَدُهما.

وإذا وكَّل الرَّجلُ الرَّجلَيْنِ بدَراهِمَ يَصرِفانِها، فليسَ لِأحَدِهِما أنْ يَصرِفَ ذلك دونَ صاحِبِه، فإنْ صَرَفاها جَميعًا فهو جائِزٌ، فإنْ قامَ أحَدُهما مِنْ المَجلِسِ الذي تَصارَفَا فيه، ومَضَى قبلَ أنْ يَتصارَفَا؛ فإنَّ الصَّرفَ يَنتقِضُ؛ لأنَّ النَّبيَّ قالَ: «الفِضَّةُ بالذَّهَبِ رِبًا، إلَّا هاءَ وهاءَ».

وقالَ أصحابُ الرَّأْيِ: إنْ قامَ أحَدٌ قبلَ أنْ يَقبِضًا فقَدِ انتَقَضَتْ حِصَّةُ الذي ذهَب، وهي النِّصفُ، وحِصَّةُ الباقي جائِزةٌ.

قالَ أبو بَكرٍ: لَم يَجعَلِ المُوكِّلُ إلى أحَدٍ شَيئًا دونَ الآخَرِ، ولا يَجوزُ أمْرُ أحَدِهِما دونَ الآخَرِ، ولِهذا أصْلٌ مِنْ كِتابِ اللَّهِ تَعالى، قالَ اللَّهُ : ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا﴾ [النساء: ٣٥]، ولا يَجوزُ لِأحَدِ الحَكَمَيْنِ أمْرٌ إلَّا مَع صاحِبِه.

قالَ ابنُ عبَّاسٍ : «بُعِثتُ أنا ومُعاويةُ حَكَمَيْنِ، فقيلَ لَنا: إنْ رَأيتُما أنْ تُجَمِّعَا جَمَعْتُما، وإنْ رَأيتُما أنْ تُفَرِّقَا فَرَّقتُما».

<<  <  ج: ص:  >  >>