للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إيجابُ القِصاصِ يَجبُ القصاصُ، وإنْ لم يُمكنْ يَجبُ الأرشُ (١).

وقالَ الشافِعيةُ: عَمدُ الخَطأِ أو شِبهُ العَمدِ: هو أنْ يَقصدَ الفِعلَ والشَّخصَ معًا بما لا يَقتلُ غالبًا، كما إذا ضرَبَه بسَوطٍ أو عصًا ضَربةً خَفيفةً، أو رَماهُ بحَجرٍ صَغيرٍ ولم يُوالِ به الضربَ، ولم يَشتدَّ الألَمُ بسَببِ ذلكَ، ولم يَكنْ وقتَ حَرٍّ ولا بَردٍ شَديدينِ، أو لم يَكنِ المَضروبُ ضَعيفًا أو صَغيرًا فهو شِبهُ عَمدٍ، فإنْ كانَ فيه شيءٌ مِنْ ذلكَ فهو عَمدٌ؛ لأنه يَقتلُ غالبًا في هذهِ الأحوالِ (٢).

وقالَ الحَنابلةُ: شِبهُ العَمدِ: هو أنْ يَقصدَه بجِنايةٍ لا تَقتلُ غالبًا ولم يَجرحْه بها، أو أنْ يَقصدَ ضرْبَه بما لا يَقتلُ غالبًا إما لقَصدِ العُدوانِ عليهِ أو لقَصدِ التأديبِ له فيُسرفَ فيه، كمَن ضرَبَ شَخصًا في غَيرِ مَقتلٍ بسَوطٍ أو عَصًا أو حَجرٍ صَغيرٍ، أو لَكَزَه بيَدِه وسائرِ ما لا يَقتلُ غالبًا، فإذا قتَلَه فهو شِبهُ عَمدٍ؛ لأنه قصَدَ الضربَ دونَ القتلِ، وكذا لو ألقاهُ في ماءٍ قَليلٍ أو صاحَ بعاقِلٍ اغتَفلَه أو بصَغيرٍ على سَطحٍ ونَحوِ ذلكَ فماتَ (٣).

هل يُوجَدُ قَتلٌ شِبهُ عَمدٍ في الشَّرعِ أم لا؟

اختَلفَ الفُقهاءُ هل يُوجَدُ قَتلٌ شِبهُ عَمدٍ؟ أم لا يُوجَدُ إلا عَمدٌ وخَطأٌ؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والمالِكيةُ في قَولٍ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ القتلَ أنواعٌ، وأنَّ هذا القِسمَ السابقَ تَعريفُه شِبهُ عَمدٍ، وأنه قد وَردتْ


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ٢٣٣، ٢٣٤).
(٢) «النجم الوهاج» (٨/ ٣٢٩، ٣٣٠)، و «مغني المحتاج» (٥/ ٢١٥).
(٣) «المغني» (٨/ ٢١٦)، و «كشاف القناع» (٥/ ٦٠٣)، و «شرح منتهى الإرادات» (٦/ ١٣، ١٤)، و «منار السبيل» (٣/ ٢٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>