الغَضَبُ: حالةٌ مِنَ الاضطِرابِ العَصَبيِّ، وعَدمُ التَّوازُنِ الفِكريُّ، تَحلُّ بالإنسانِ إذا عَدَا عليهِ أحدٌ بالكَلامِ أو غَيرِه.
وقد قَسَّمَ العُلماءُ الغَضَبَ إلى ثلاثةِ أقسامٍ، واتَّفقُوا على أنَّ قِسمًا مِنْ هذهِ الأقسامُ يَقعُ به الطَّلاقُ، وقِسمًا لا يَقعُ به الطَّلاقُ، وقسمٌ مُختلَفٌ فيهِ بيْنَهم، هل يَقعُ بهِ الطَّلاقُ أم لا؟
القِسمُ الأوَّلُ: أنْ يَحصلَ للإنسانِ مَبادِئُه وأوائِلُهُ، بحَيثُ لا يَتغيَّرُ عليهِ عَقلُهُ ولا ذِهنُه، ويَعلمُ ما يَقولُ ويَقصِدُه، فهذا لا إشكالَ في وُقوعِ طلاقِهِ وعِتقِه وصحَّةِ عُقودِه بإجماعِ العُلماءِ، ولا سِيَّما إذا وقَعَ منهُ ذلكَ بعْدَ تَردُّدِ فِكرِه (١).
القِسمُ الثَّاني: أنْ يَبلغَ بهِ الغَضبُ نهايَتَه، بحيثُ يَنغلِقُ عَليهِ بابُ العِلمِ والإرادةِ، فلا يَعلمُ ما يَقولُ ولا يُريدُه، قالَ ابنُ القَيِّمِ ﵀: فهذا لا يَتوجَّهُ خِلافٌ في عَدمِ وُقوعِ طلاقِهِ، والغَضَبُ غُفولُ العَقلِ، فإذا اغتالَ الغَضَبُ عَقلَه حتَّى لم يَعلمْ ما يَقولُ فلا رَيبَ أنَّه لا يَنفذُ شَيءٌ مِنْ أقوالِه في
(١) «إغاثة اللهفان في حكم طلاق الغضبان» ص (١٩)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٣٢٣)، و «حاشية ابن عابدين» (٣/ ٢٤٤).