للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(والرِّوايةُ الثانِيةُ): يَضمنُ الجَميعَ، حَكاها صاحِبُ «التَّلخيصِ» وغيرُه؛ لأنَّها وَديعةٌ قد تَعدَّى فيها فضمِنَها، كما لو أخَذَ الجَميعَ انتهى (١).

فإذا كانَ يَضمنُ معَ أنَّه ردَّ ما أَخذَه فمِن بابِ أَولى إذا لمْ يَردَّ ما أَخذَه ثُم تلِفَ باقي الوَديعةِ فإنَّه يَضمنُ الجَميعَ.

التِّجارةُ بالوَديعةِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في المُودَعِ يَكونُ عندَه وَديعةً مِنْ النُّقودِ فيَأخذُها ويُتاجرُ بها، هل يَجوزُ له ذلك أم لا؟ بعدَ اتِّفاقِهم على أنَّه إذا أخَذَ مالَ الوَديعةِ وتاجَرَ به أنَّه ضامِنٌ لهذا المالِ؛ لأنَّه مُتعدٍّ فيها بغيرِ إِذنِ صاحبِها فيَضمنُ.

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه لا يَجوزُ له أنْ يَأخذَ مالَ الوَديعةِ ويُتاجرُ به؛ لأنَّه أَمانةٌ عندَه (٢).

وأما المالِكيةُ فعندَهم قَولانِ:

أَحدُهما: أنَّه تَحرمُ التِّجارةُ بالوَديعةِ بغيرِ إِذنِ ربِّها مُطلقًا.

والثانِي: يُكرَه التِّجارةُ بالوَديعةِ بغيرِ إِذنِ ربِّها إذا كانَ المُودَعُ مَليئًا وكانَت مِنْ المِثلياتِ كالنُّقودِ، وأما إنْ كانَ المُودَعُ مُعدمًا أو كانَت مِنْ المُقوَّماتِ فتَحرمُ التِّجارةُ بها بغيرِ إِذنِ ربِّها، سَواءٌ كانَ المُودَعُ مَليئًا أو مُعدمًا.


(١) «شرح الزركشي» (٢/ ٣٠٠، ٣٠١).
(٢) «الحاوي الكبير» (٥/ ٣٦١).

<<  <  ج: ص:  >  >>