للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ ابنُ قُدامةَ : حَدُّ العَبدِ والأمَةِ خَمسونَ جَلدةً، بِكرَينِ كانَا أو ثيِّبينِ في قَولِ أكثرِ الفُقهاءِ (١).

وفي قَولِ ابنِ عبَّاسٍ وغيرِه إحصانُها تَزوُّجُها، وكانَ يَقولُ: «ليسَ على الأمَةِ حَدٌّ حتَّى تَتزوجَ» (٢).

الشَّرطُ الرابعُ: الإسلامُ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الإسلامِ هل هو شَرطٌ للإحصانِ أم لا؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والإمامُ أحمَدُ في رِوايةٍ إلى أنَّ الإسلامَ شَرطٌ في الإحصانِ في الزِّنا، فلا يَجبُ الرَّجمُ على الذِّميِّ إذا زنَى؛ لِما رُويَ مَرفوعًا: «مَنْ أشرَكَ باللهِ فليسَ بمُحصَنٍ» (٣)، مَعناهُ: ليسَ بكامِلِ الحالِ؛ فإنَّ المُحصَنَ مَنْ هو كامِلُ الحالِ، والرَّجمُ لا يُقامُ إلا على مَنْ هو كامِلُ الحالِ.

ولأنَّ الإحصانَ حُكمٌ شَرعيٌّ وجَبَ للفَضيلةِ في الإسلامِ، فلمْ يَثبُتْ للكافرِ في أحكامِ الكُفرِ، ولأنه حَدٌّ يُعتبَرُ فيه الإحصانُ، فوجَبَ أنْ يُعتبَرَ فيه الإسلامُ، أصلُه حَدُّ القَذفِ، ولأنَّ نقْصَ الكُفرِ أشَدُّ مِنْ نَقصِ الرِّقِّ؛ لأنَّ أصلَ نَقصِ الرِّقِّ هو الكُفرُ، فإذا كانَ نَقصُ الرقِّ يَمنعُ الإحصانَ فنَقصُ الكُفرِ أَولى؛ لأنَّ زِيادةَ الحُدودِ لزَيادةِ الفَضيلةِ، ونَقصُ الكفرِ يَمنعُ ذلكَ.


(١) «المغني» (٩/ ٤٩).
(٢) «أحكام القرآن» (٣/ ١٢٣)، و «شرح صحيح البخاري» (٦/ ٢٨٣)، و «التمهيد» (٩/ ٩٨، ٩٩)، و «الاستذكار» (٧/ ٥٠٥)، و «الحاوي الكبير» (١٣/ ٢٠٥)، وباقي المَصادِر السَّابقَة.
(٣) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه الدارقطني (٣٢٩٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>