هو المَكانُ الذي يَقصِدُ الإِنسانُ أن يُقيمَ به مدَّةً قاطِعةً لحُكمِ السَّفرِ فأكثرَ، على نيَّةِ أن يُسافِرَ بعدَ ذلك، مع خِلافٍ بينَ المَذاهبِ في مِقدارِ هذه المدَّةِ، كما سيَأتي بَيانُها.
أمَّا شَرائطُه: فقَد ذكَرَ الكَرخيُّ في «جامِعِه» عن مُحمدِ بنِ الحَسنِ فيه رِوايتَينِ؛ هما:
أحدُهما: أن يَتقدَّمه سَفرٌ (ثَلاثةَ أيَّامٍ فصاعِدًا).
والآخَرُ: أن يَكونَ بينَ وطَنِه الأصلِيِّ وبينَ هذا المَوضِعِ الذي تَوطَّن فيه بنيَّةِ الإِقامةِ مَسافةُ القَصرِ.
وبدُونِ هذَينِ الشَّرطَينِ لا يَصيرُ وطَنَ إقامةٍ، وإن نَوى الإِقامةَ مدَّةً قاطِعةً للسَّفرِ -خَمسةَ عشَرَ يَومًا- في مَكانٍ صالِحٍ لِلإقامةِ، حتى إنَّ الرَّجلَ المُقيمَ إذا خرَجَ مِنْ مِصرِه إلى قَريةٍ مِنْ قُراها لا لقَصدِ السَّفرِ، ونَوى أن يَتوطَّنَ بها المدَّةَ القاطِعةَ للسَّفرِ -خَمسةَ عشَرَ يَومًا- لا تَصيرُ تلكَ القَريةُ وَطنَ إقامةٍ له، وإن كانَ بينَهما مَسيرةُ سَفرٍ؛ لِانعِدامِ تَقدُّمِ السَّفرِ، وكذا إذا قصَدَ مَسيرةَ سَفرٍ وخرَجَ حتى وصَلَ إلى قَريةٍ بينَها وبينَ وطَنِه الأصلِيِّ مَسيرةُ ما دونَ السَّفرِ، ونَوى أن يُقيمَ بها المدَّةَ القاطِعةَ للسَّفرِ -خَمسةَ عشَرَ يَومًا- لا يَصيرُ مُقيمًا، ولا تَصيرُ تلك القَريةُ وطَنَ إقامةٍ له.