فاقِدُ الطَّهورَين هو الذي لم يَجدْ ماءً ولا صَعيدًا يَتيممُ به لمانِعٍ كمَن حُبسَ في مَكانٍ ليسَ فيه واحِدٌ منهما، أو في مَوضعٍ نَجسٍ ليسَ فيه ما يَتيممُ به، وكان مُحتاجًا للماءِ الذي معه لعَطشٍ، كالمَصلوبِ وراكِبِ سَفينةٍ لا يَصلُ إلى الماءِ، كمَن لا يَستطيعُ الوُضوءَ ولا التَّيممَ لمَرضٍ ونَحوِه.
فقدِ اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِه على أَقوالٍ كَثيرةٍ.
فذهَبَ الإمامُ أبو حَنيفةَ والإمامُ مالِكٌ في رِوايةٍ -وهي إحدَى الرِّواياتِ عن الإمامِ الشافِعيِّ- إلى أنَّه يُؤخرُ الصَّلاةَ حتى يَجدَ الماءَ أو الصَّعيدَ.
ووَجهُ هذا القَولٍ: أي: القَولِ بعَدمِ الصَّلاةِ في الحالِ قَولُه ﷺ: «لا يَقبلُ اللهُ صَلاةً بغيرِ طَهورٍ»، وما لا يُقبلُ لا يَجوزُ فعِلهُ ولأنَّ عُمَرَ ابنَ الخَطابِ ﵁ أجنَبَ ولم يَعلَمْ أنَّ الجُنُبَ يَتيممُ فلم يُصلِّ كما في الصَّحيحَينِ.
وذهَبَ الشافِعيةُ في الصَّحيحِ من المَذهبِ والإمامُ مالِكٌ في رِوايةٍ والإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ إلى أنَّه يُصلِّي على حَسبِ حالِه وتَجبُ عليه الإعادةُ، أمَّا الصَّلاةُ فلقَولِه ﷺ:«إذا أمَرتُكم بأمرٍ فأْتوا منه ما استَطعتُم»(١)، وأمَّا الإعادةُ فلأنَّه عُذرٌ نادِرٌ فصارَ كما لو نَسيَ عُضوًا من أَعضاءِ طَهارتِه وصلَّى؛ فإنَّه يَجبُ عليه الإِعادةُ.