للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَأتي بتَكبيرةٍ أُخرى لِلرُّكوعِ في حالِ انحِطاطِه إليه، فالأُولى رُكنٌ لا تَسقُطُ بحالٍ، والثانيةُ تَكبيرةُ الرُّكوعِ، والمَنصوصُ عن أحمدَ أنَّها تَسقُطُ ههنا، ويُجزِئُه تَكبيرةٌ واحدةٌ، نقلَه أبو داود وصالِحٌ، ورُويَ ذلك عن الشافِعيِّ ومالِكٍ وأصحابِ الرَّأيِ (١).

٦ - الاعتِدالُ:

اختَلفَ العُلماءُ في وُجوبِ الرَّفعِ مِنْ الرُّكوعِ، وفي وُجوبِ الاعتِدالِ عنه قائِمًا.

فقالَ أبو حَنيفَةَ : لا يَجِبانِ، ولو انحَطَّ مِنْ الرُّكوعِ إلى السُّجودِ كُرِهَ له ذلك، وأجزَأَه؛ لأنَّ اللهَ تَعالى لم يَأمُر به، وإنما أمرَ بالرُّكوعِ والسُّجودِ والقِيامِ، فلا يجبُ غيرُه، ولأنَّه لو كانَ واجبًا لتَضمَّنَ ذِكرًا واجِبًا، كالقِيامِ الأوَّلِ.

لكِن ذَهب بَعضُ فُقهاءِ الحَنفيَّةِ إلى القولِ بوُجوبِ الرَّفعِ مِنْ الرُّكوعِ، منهم المُحقِّقُ ابنُ الهُمامِ وتِلميذُه ابنُ أميرِ الحاجِّ حتى قالَ: إنَّه الصَّوابُ؛ لمُواظَبتِه على ذلك كلِّه، ولِلأمرِ في حَديثِ المُسيءِ صَلاتَه، ولمَا ذكرَه قاضي خانَ مِنْ لُزومِ سُجودِ السَّهوِ بتَركِ الرَّفعِ مِنْ الرُّكوعِ ساهِيًا.

قالَ ابنُ عابدينَ : والحاصِلُ أنَّ الأصحَّ رِوايةً ودِرايةً وُجوبُ تَعديلِ الأركانِ، وأمَّا القَومَةُ والجَلسةُ وتَعديلُها فالمَشهورُ في المَذهبِ السُّنِّيةُ، ورُويَ وُجوبُها، وهو المُوافِقُ لِلأدلَّةِ، وعليه الكَمالُ، ابنُ الهُمامِ، ومَن بعدَه


(١) ابن عابدين (١/ ٣٢٣)، والطَّحطاوي (١/ ٢٩٥)، و «الاستذكار» (١/ ٦٣)، و «مواهب الجليل» (٢/ ٨٣)، و «القوانين» (١/ ٥٠)، و «المجموع» (٤/ ١٨٧)، و «كشَّاف القناع» (١/ ٤٦٠)، و «مختصر اختلاف العلماء» (١/ ٢٥٩)، و «التَّمهيد» (٧/ ٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>