وحَكَوْا عن أبي طَلحةَ أنَّه كان يَتناوَلُ البَرَدَ وهو صائِمٌ ويَبتَلِعُه ويَقولُ: ليس هو بطَعامٍ ولا شَرابٍ، واستدَلَّ أصحابُنا بما ذكَره المُصنِّفُ وبما رَواه البَيهَقيُّ بإسنادٍ حَسَنٍ، أو صَحيحٍ عن ابنِ عَباسٍ ﵄ أنَّه قال:«إنَّما الوُضوءُ مما يَخرُجُ وليس مما يَدخُلُ، وإنَّما الفِطرُ مما دخَل وليس مما خرَج»(١).
إذا أكلَ أو شَرِب مُتعمِّدًا هل عليه كَفَّارةٌ أو لا؟
اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو أكلَ الصائِمُ أو شَرِب مُتعمِّدًا هل يَجِبُ عليه الكَفَّارةُ والقَضاءُ أو يَجِبُ عليه القَضاءُ فقط، وأنَّ الكَفَّارةَ تَجِبُ بسَببِ الجِماعِ فقط؟
فذهَب الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ إلى أنَّ من أفطَر مُتعمِّدًا بأكلٍ أو شُربٍ عليه القَضاءُ والكَفَّارةُ؛ لأنَّ الصَّومَ شَرعًا الامتِناعُ من الطَّعامِ والجِماعِ، فإذا ثبَت في وَجهٍ من ذلك شَيءٌ ثبَت في نَظيرِه، والجامِعُ بينَهما انتِهاكُ حُرمةِ الشَّهرِ بما يُفسِدُ الصَّومَ عَمدًا.
إلا أنَّ أبا حَنيفةَ اشترَط في وُجوبِ الكَفَّارةِ أنْ يَكونَ المُتناوِلُ مما يُتغَذَّى به، أو يُتداوى به، فأمَّا إنِ ابتلَع حَصاةً أو نَواةً فلا تَجِبُ عليه الكَفَّارةُ، وعن مالِكٍ فيمَن ابتلَع حَصاةً أو نَحوَها رِوايتان.