للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُلوكٌ مِنْ قُريشٍ وإنْ لم يَكونوا على مَرتبةٍ مَرموقةٍ في العِلمِ، والسَّببُ فيه أنَّ العِلمَ يدَّعيه كل شَادٍ مُستطرِفٍ، فإذا انضَمَّتْ أُبَّهةُ المُلكِ إلى قَليلٍ مِنْ العِلمِ لم يَستطعْ أحَدٌ نِسبةَ المَلكِ إلى العُروِّ عن العِلمِ، والنَّسبُ ممَّا لا يمكِنُ ادِّعاؤه، فلَم يَدَّعِ لذلكَ الإمامةَ مَنْ ليسَ نَسيبًا، فهذا وَجهُ إثباتِ شَرطِ النَّسبِ، ولَسْنا نَعقلُ احتِياجَ الإمامةِ في وَضعِها إلى النَّسبِ، ولكنْ خصَّصَ اللهُ هذا المَنصبَ العليَّ والمَرقبَ السَّنِيَّ بأهلِ بيتِ النبيِّ، فكانَ مِنْ فَضلِ اللهِ يُؤتيهِ مَنْ يَشاءُ (١).

وقالَ أبو العبَّاسِ القُرطبيُّ : استَقرَّ أمرُ الخِلافةِ والمُلكِ في قُريشٍ شَرعًا ووُجودًا … ولم يُخالِفْ فيه أحدٌ، وهو إجماعُ السلَفِ والخلَفِ (٢).

وقالَ الإمامُ زينُ الدِّينِ العِراقيُّ : الخِلافةُ مُختصَّةٌ بقُريشٍ، لا يَجوزُ عقدُها لأحَدٍ مِنْ غيرِهم، وعلى هذا انعَقدَ الإجماعُ في زَمنِ الصَّحابةِ ، وكذلكَ بعدَهم، ومَن خالَفَ فيهِ مِنْ أهلِ البِدعِ أو عرَّضَ بخِلافٍ مِنْ غيرِهم فهو مَحجوجٌ بإجماعِ الصَّحابةِ والتابِعينَ فمَن بعدَهم بالأحاديثِ الصَّحيحةِ (٣).

الشَّرطُ السابعُ: العَدالةُ:

نَصَّ أكثرُ الفُقهاءِ على أنه تُشترطُ العَدالةِ في الإمامِ، فلا تَجوزُ تَوليَةُ الفاسقِ ابتداءً، وهو أنْ يكونَ الإمامُ مُجتنِبًا الكَبائرَ ومُتقِيًا للصَّغائرِ،


(١) «غياث الأمم» (٢٥٦، ٢٥٨).
(٢) «المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم» (٤/ ٦).
(٣) «طرح التثريب في شرح التقريب» (٨/ ٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>