للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولأنَّ هذه الأرضَ لها مالكٌ فلَم يَجزْ إِحياؤُها كما لو كانَ مُعينًا، فإنَّ مالِكَها إنْ كانَ له وَرثةٌ فهي لهم، وإنْ لم يَكنْ له وَرثةٌ ورِثَها المُسلِمونَ (١).

قالَ الشافِعيةُ: والأمرُ فيه إذا لم يُعلَمْ مالكُه مُفوَّضٌ إلى رأيِ الإمامِ، فإنْ رَأى أنْ يَحفظَه إلى أنْ يَظهرَ مالكُه أو ورثتُه فَعلَ، وإنْ رَأى أنْ يَبيعَه ويَحفظَ ثمنَه على مالكِه فيَفعلُ مِنْ ذلك ما يَرى النَّظرَ فيه، وله أنْ يَستقرِضَ ذلك على بَيتِ المالِ على الصَّحيحِ على المَذهبِ.

وهل يَجوزُ للإمامِ أنْ يُعطيَه مَنْ يُعمِّرُه أم لا؟ على وَجهينِ:

أحدُهما: لا يَجوزُ لاستِقرارِ الملكِ عليه.

والوَجهُ الثانِي: يَجوزُ إذا رَأى ذلك صَلاحًا؛ لقِيامِه بالنَّظرِ العامِّ (٢).

النوعُ الثانِي: ما يُوجدُ فيه آثارُ ملكٍ قَديمٍ كآثارِ الرُّومِ ومَساكنِ ثَمودَ ونحوِها:

اختَلفَ الفَقهاءُ فيما لو كانَت على الأرضِ آثارُ عِمارةٍ جاهليَّةٍ كآثارِ الرُّومِ ونحوِها، هل تُملَكُ بالإِحياءِ أم لا؟

فذهَبَ الشافِعيةُ في الأَظهرِ والحَنابلةُ في المَذهبِ (وهو مَذهبُ الحَنفيةِ والمالِكيةِ كما تقَدمَ) إلى أنَّها تُملَكُ بالإِحياءِ كالرِّكازِ، ولأنَّ ذلك


(١) «المغني» (٥/ ٢٣٨)، و «الكافي» (٢/ ٤٣٥)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٢٢٠، ٢٢١)، و «اللباب» (١/ ٦٨٠).
(٢) «الحاوي الكبير» (٧/ ٤٧٨)، و «نهاية المطلب» (٨/ ٢٨٢)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٩٨)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>