إذا دفعَ أرضًا إلى رَجُلٍ يَغرِسُ فيها شَجرًا، على أنْ تَكونَ الأرضُ والشَّجرُ بَينَهما نِصفَيْنِ:
اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ مَنْ دفعَ أرضًا بَيضاءَ إلى رَجُلٍ سِنينَ مَعلومةً يَغرِسُ فيها شَجرًا أو كَرْمًا أو نَخلًا على أنْ تَكونَ الأرضُ والشَّجرُ بينَ ربِّ الأرضِ والغارِسِ نِصفَيْنِ، لَم يَجُزْ، قالَ ابنُ قُدامةَ ﵀: وبِهَذا قالَ مالِكٌ والشافِعيُّ وأبو يُوسفَ ومُحمَّدٌ، ولا نَعلَمُ فيه مُخالِفًا؛ لأنَّه شَرطُ اشتِراكِهِما في الأصلِ، كَما لَو دفعَ إليه الشَّجرَ المَغروسَ مُساقاةً لِيَكونَ في الأصلِ والثَّمرةُ بَينَهما، أو شرطَ في المُزارَعةِ كَونَ الأرضِ والزَّرعِ بَينَهما، فلا يَصحَّانِ؛ لِمَا تَقدَّمَ، وكَذا المُضارَبةُ (١).
ثم جَميعُ الثَّمرِ والغَرسِ لربِّ الأرضِ، ولِلعاملِ قِيمةُ غَرسِه وأجْرُ مِثلِ عَملِه، وليسَ له في الأرضِ قَليلٌ ولا كَثيرٌ، كَما نَصَّ على ذلك الحَنفيَّةُ والمالِكيَّةُ؛ لأنَّ العَقدَ في الشَّجرِ لَمَّا كانَ فاسِدًا وقَد غَرَسَه العامِلُ بأمْرِه في أرضِه، صارَ كَأنَّ صاحِبَ الأرضِ فعلَ ذلك بنَفْسِه، فيَصيرُ قابِضًا لِلغَرسِ باتِّصالِه بأرضِه، مُستَهلِكًا له بالعُلوقِ فيها؛ فيَجِبُ عليه قِيمةُ أشجارِه وأجْرُ مِثلِ عَملِه؛ لأنَّه ابتَغَى لِعَملِه أجْرًا، وهو نِصفُ الأرضِ، أو نِصفُ الخارِجِ، ولَم يَحصُلْ له منه شَيءٌ، فيَجِبُ عليه أجْرُ مِثلِه.