للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القِصاصُ في الذَّكرِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الذَّكَرِ إذا قُطعَ، هل يَجبُ فيه القِصاصُ أم لا؟

فذهَبَ جَماهيرُ أهلِ العِلمِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ القِصاصَ يَجري في الذَّكرِ؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾ [المائدة: ٤٥]؛ لأنه عُضوٌ له حَدٌّ وغايةٌ، فإذا استَوعبَه مِنْ أصلِ القَضيبِ اقتُصَّ منه، ويُؤخذُ الطَّويلُ بالقَصيرِ، والغَليظُ بالدَّقيقِ، وذكَرُ الشابِّ بذَكرِ الشيخِ، وذكَرُ الذي يَأتي النِّساءَ بذَكرِ العِنينِ، والذَّكرُ الذي يَنتشرُ بالذي لا يَنتشرُ ما لم يَكنْ به شَللٌ (١).

قالَ ابن قُدامةَ : لا نَعلمُ بينَ أهلِ العِلمِ خِلافًا في أنَّ القِصاصَ يَجريِ في الذَّكرِ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ﴾ [المائدة: ٤٥]، ولأنَّ له حَدًّا يَنتهي إليه ويُمكِنُ القِصاصُ فيه مِنْ غيرِ حَيفٍ، فوجَبَ فيه القِصاصُ كالأنفِ، ويَستوِي في ذلكَ الصغيرُ والكَبيرُ، والشيخُ والشابُّ، والذَّكرُ الكبيرُ والصَّغيرُ، والصَّحيحُ والمَريضُ؛ لأنَّ ما وجَبَ فيه القِصاصُ مِنْ الأطرافِ لم يَختلفْ بهذه المَعاني، كذلكَ الذكَرُ، ويُؤخذُ كلُّ واحدٍ مِنْ المَختونِ والأغلَفِ بصاحبِه؛ لأنَّ الغُلفةَ زِيادةٌ تُستحقُّ إزالتُها، فهي كالمَعدومةِ (٢).

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنه لا قِصاصَ في الذَّكرِ؛ لأنه يَنقبضُ ويَنبسطُ، فلا


(١) «الحاوي الكبير» (١٢/ ١٨٣)، و «البيان» (١١/ ٣٨٧).
(٢) «المغني» (٨/ ٢٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>