هذه السِّلسلةُ المُباركةُ «من أَعلامِ السَّلفِ» المَقصودُ بها تَربيةُ جيلِ الصَّحوةِ المُباركةِ، على أَخلاقِ العُلماءِ الأَعلامِ، والأئِمةِ الكِرامِ؛ حيث يَصحَبُ القارئَ الكَريمَ في كلِّ تَرجمةٍ عَلَمٌ من هؤلاء الأَعلامِ، يَرى زُهدَه، ووَرَعَه، وأَخلاقَه، ونَزاهَته، وصَبْرَه على دِينِ اللهِ، وبَذلَه لإِعزازِه، فصارَت لهم بذلك اليَدُ البَيضاءُ على الأُمةِ، إلى أنْ يَقومَ الناسُ لرَبِّ العالَمينَ، وتاريخُ الإِسلامِ غَنيٌّ زاخِرٌ بهذه الأَمثلةِ الرائِعةِ، والقِممِ الشامِخةِ، نَسألُ اللهَ أنْ يُميتَنا على حُبِّهم، وأنْ يَحشُرَنا في جَمعِهم.
والعَلمُ الذي نَرفعُه اليَومَ، والإِمامُ الذي نَتشرَّفُ بتَرجمتِه؛ كما قالَ بعضُ العُلماءِ: كادَ أنْ يَكونَ إِمامًا في بَطنِ أُمِّه؛ إنَّه الذي أخبَرَ عنه الشافِعيُّ ﵀ فقالَ: رَأيتُ شابًّا ببَغدادَ، إذا قالَ: حدَّثَنا، قالَ الناسُ: صدَقَ، إنَّه الإمامُ الذي دخَلَ الكِيرَ، فخرَجَ ذَهبًا أَحمَرَ، وعُرضَت عليه الدُّنيا فأَباها، والبِدعةُ فنَفاها.
قالَ بَعضُهم: لولا أَحمدُ بنُ حَنبلٍ لصارَ الناسُ كلُّهم مُعتزلةً، قيلَ لبِشرٍ الحافي: لماذا لا تَخرجُ فتَقولُ كما قالَ أَحمدُ بنُ حَنبلٍ؟ فقالَ: أتُريدونَ أنْ أَقومَ مَقامَ الأَنبياءِ؟ إنَّه العالِمُ العابِدُ الفَقيهُ الزاهِدُ، الصابِرُ في المِحنةِ، إمامُ أهلِ السُّنةِ أَحمدُ بنُ حَنبلٍ، وما أَحوجَ الطُّلابَ، والعُلماءَ، والدُّعاةَ إلى مَعرفةِ أَخبارِه، في أَزمنةٍ أطَلَّت فيها رُؤوسُ الفِتنِ، وكثُرَت فيها الإِحنُ والمِحنُ، وظهَرَ فيها العَلمانيونَ، والمُنافِقونَ، يُريدونَ أنْ يَنالوا من الإِسلامِ