والأُخرى: يُشرعُ له السُّجودُ؛ لقولِه ﷺ:«إذا نَسيَ أحَدُكُم فَليَسجُد سَجدتَينِ وهو جَالِسٌ» رَواه مُسلِمٌ، فإذَا قُلنا: يُشرعُ له السُّجودُ؛ فذلك مُستحَبٌّ غيرُ واجِبٍ؛ لأنَّه جَبرٌ لغيرِ واجِبٍ، فلَم يكن واجِبًا، كجَبرِ سائرِ السُّننِ. قالَ أحمدُ: إنَّما السَّهوُ الذي يجبُ فيه السُّجودُ ما رُويَ عن النَّبيِّ ﷺ؛ ولأنَّ الأصلَ عدمُ وُجوبِ السُّجودِ.
النَّوعُ الآخَرُ: أن يَأتيَ فيها بذِكرٍ أو دُعاءٍ لم يَردِ الشَّرعُ به فيها، كقولِه: آمينَ رَبَّ العالَمينَ، وقولِه في التَّكبيرِ: اللهُ أكبَرُ كَبيرًا؛ فهذا لا يُشرعُ له السُّجودُ؛ لأنَّه رُويَ عن النَّبيِّ ﷺ أنَّه سمِع رَجلًا يَقولُ في الصَّلاةِ:«الحَمدُ للهِ حَمدًا كَثيرًا طَيِّبًا مُبارَكًا فيه، كما يُحِبُّ رَبُّنا ويَرضَى»، فلم يَأمُره بالسُّجودِ.
فَصلٌ: وإذَا جلسَ لِلتشهُّدِ في غيرِ مَوضِعِه قَدرَ جلسةِ الاستِراحةِ فقالَ القاضي: يَلزمُه السُّجودُ، سَواءٌ قُلنا: جَلسةُ الاستِراحةِ مَسنونةٌ أو لم نَقُل ذلكَ؛ لأنَّه لم يُرِدها بجُلوسِه، إنَّما أرادَ غيرَها، وكانَ سَهوًا، ويُحتَملُ ألَّا يَلزمَه؛ لأنَّه فِعلٌ لو تعمَّده لم تبطُل به صَلاتُه، فلا يَسجُدُ لِسَهوٍ، كالعملِ اليَسيرِ من غيرِ جِنسِ الصَّلاةِ (١).
١٢ - تَركُ رُكنٍ من أركانِ الصَّلاةِ:
إذَا تركَ المُصلِّي رُكنًا من أركانِ الصَّلاةِ، فلا يَخلُو إمَّا أن يترُكَه عَمدًا أو
(١) «الشرح الكبير» و «المغني» (٢/ ١٩٧)، و «الشرح الصغير» (١/ ٢٢٧)، و «المجموع» (٤/ ١٠٢)، و «إعانة الطالبين» (١/ ٢٢٦)، و «مَطالِب أولي النهى» (١/ ٥٣٦)، و «منار السبيل» (١/ ١١٩).