اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو أَوصَى لجِيرانِه، هل هُمْ الجِيرانُ المُلاصِقونَ لبَيتِه أو هُمْ أهلُ المَحلةِ أو هُمْ الأربَعونَ جارًا الأَقرَبونَ منه من كلِّ ناحِيةٍ أو ليسَ له حَدٌّ مُحدَّدٌ؟ على أَقوالٍ.
فذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ عندَهما إلى أنَّ الرَّجلَ إذا أَوصَى مَثلًا بثُلثِ مالِه لجِيرانِه فلأربَعينَ دارًا من كلِّ جانِبٍ من جَوانبِ دارِه الأربَعةِ، وقد نَصَّ عليه الشافِعيُّ ﵁ في «الأُم» وهو إِمامٌ عارِفٌ باللُّغةِ، وكَلامُه فيها حُجةٌ، ويَدلُّ له خَبَرُ:«حَقُّ الجِوارِ أربَعونَ دارًا، هكذا وهكذا وهكذا وهكذا، وأَشارَ قُدَّامًا وخَلفًا ويَمينًا وشِمالًا»(١).
وعلى الأولِ -أي: الأربَعينَ- يُصرفُ ذلك الشَيءُ للمُسلمِ والغَنيِّ وضِدِّهما على عَددِ الدُّورِ لا على عَددِ السُّكانِ، والعِبرةُ بالساكِنِ لا بالمالكِ.
(١) حَدِيثٌ ضعيفٌ: رَواه الإمامُ أَبو يَعلى في «مسنده» (٥٩٨٢) قالَ الهيثميُّ في «المجمع» (٨/ ١٦٨): رَواه أَبو يَعلى عن شيخِه مُحمدِ بنِ جامعٍ العَطارِ وهو ضعيفٌ، وقالَ الحافظُ العِراقيُّ في «تخريج الإحياء» (٢/ ١٨٩): إنه حَديثٌ ضعيفٌ، وقد رُويَ مُرسلًا.