للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

د- الوَصيةُ للجِيرانِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيما لو أَوصَى لجِيرانِه، هل هُمْ الجِيرانُ المُلاصِقونَ لبَيتِه أو هُمْ أهلُ المَحلةِ أو هُمْ الأربَعونَ جارًا الأَقرَبونَ منه من كلِّ ناحِيةٍ أو ليسَ له حَدٌّ مُحدَّدٌ؟ على أَقوالٍ.

فذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ في المَذهبِ عندَهما إلى أنَّ الرَّجلَ إذا أَوصَى مَثلًا بثُلثِ مالِه لجِيرانِه فلأربَعينَ دارًا من كلِّ جانِبٍ من جَوانبِ دارِه الأربَعةِ، وقد نَصَّ عليه الشافِعيُّ في «الأُم» وهو إِمامٌ عارِفٌ باللُّغةِ، وكَلامُه فيها حُجةٌ، ويَدلُّ له خَبَرُ: «حَقُّ الجِوارِ أربَعونَ دارًا، هكذا وهكذا وهكذا وهكذا، وأَشارَ قُدَّامًا وخَلفًا ويَمينًا وشِمالًا» (١).

قالَ الخَطيبُ الشِّربينيُّ: وقيلَ: الجارُ مَنْ لاصَقَ دارَه، وقيلَ: أهلُ المَحلةِ التي هو فيها، وقيلَ: المُلاصِقُ والمُقابِلُ، وقيلَ: أهلُ الزُّقاقِ غيرِ النافِذِ، وقيلَ: مَنْ ليسَ بينَه وبينَه دَربٌ يُغلقُ، وقيلَ: مَنْ يُصلِّي معه في المَسجدِ، وقيلَ: قَبيلتُه، وقيلَ: جَميعُ أهلِ البَلدِ؛ لقَولِ اللهِ تَعالى: ﴿ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا (٦٠)[الأحزاب: ٦٠].

وعلى الأولِ -أي: الأربَعينَ- يُصرفُ ذلك الشَيءُ للمُسلمِ والغَنيِّ وضِدِّهما على عَددِ الدُّورِ لا على عَددِ السُّكانِ، والعِبرةُ بالساكِنِ لا بالمالكِ.


(١) حَدِيثٌ ضعيفٌ: رَواه الإمامُ أَبو يَعلى في «مسنده» (٥٩٨٢) قالَ الهيثميُّ في «المجمع» (٨/ ١٦٨): رَواه أَبو يَعلى عن شيخِه مُحمدِ بنِ جامعٍ العَطارِ وهو ضعيفٌ، وقالَ الحافظُ العِراقيُّ في «تخريج الإحياء» (٢/ ١٨٩): إنه حَديثٌ ضعيفٌ، وقد رُويَ مُرسلًا.

<<  <  ج: ص:  >  >>