للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالرُّجوعِ إلى عادَتِهم؛ فإنِ امتَنَعوا أعلَمَهم بنَقضِ الهُدنةِ ونقَضَها (١).

وقالَ الحَنابِلةُ: يَلزمُ أهلَ الهُدنةِ أمانُ المُسلِمينَ منهم في النَّفسِ والمالِ والعِرضِ فمَن أتلَفَ منهم شَيئًا على مُسلمٍ فعليه ضَمانُه، وإنْ قتَلَه فعليه القِصَاصُ وإنْ قذَفه فعليه الحَدُّ؛ لأنَّ الهُدنةَ تَقتَضي أمانَ المُسلِمينَ منهم وأمانَهم من المُسلِمينَ في النَّفسِ والمالِ والعِرضِ فلزِمَهم ما يَجِب في ذلك.

ومَن شرِبَ منهم خَمرًا أو زَنَى لم يُحَدَّ؛ لأنَّه حقٌّ للهِ تَعالى ولمْ يُلزِمُوه بالهُدنةِ.

وإنْ سرَق مالَ مُسلمٍ ففيه وَجهانِ: أحدُهما: لا يُقطَعُ؛ لأنَّه حَدٌّ خالِصٌ للهِ تَعالى أشبَهَ حَدَّ الزِّنا.

والثانِي: يُقطَعُ، وهو الصَّحيحُ؛ لأنَّه يَجبُ صِيانةً لحَقِّ الآدَميِّ فهو كحَدِّ القَذفِ.

لكنْ يُقتَل إنْ زَنا بمُسلِمةٍ، ومِثلُه لِواطٌ بمُسلمٍ لنَقضِ العَهدِ.

ويَجوزُ قَتلُ رَهائِنِهم إنْ قتَلوا رَهائِنَنا (٢).

إذا انقَضَت المُدةُ هل يَجوزُ للإمامِ أنْ يَغزوهم؟

قالَ عامةُ الفُقهاءِ: إذا كانَ عَقدُ الهُدنةِ مُوقَّتًا بوَقتٍ مَعلومٍ يَنتَهي العَهدُ بانتِهاءِ الوَقتِ من غيرِ الحاجةِ إلى النَّبذِ حتى كانَ للمُسلِمينَ أنْ يَغزوا


(١) «الحاوي الكبير» (١٤/ ٣٨٣)، و «المهذب» (٢/ ٢٦٣)، و «روضة الطالبين» (٧/ ٥٧).
(٢) «الكافي» (٤/ ٣٤٣)، و «الشرح الكبير» (١٠/ ٥٨٣)، و «كشاف القناع» (٣/ ١٣١)، و «شرح منتهى الإرادات» (٣/ ٨٨)، و «مطالب أولي النهى» (٢/ ٥٨٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>