للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُوافِقةَ للشَّافعيةِ، واستَدلَّ ابنُ عَقيلٍ منهم لصحَّةِ الرِّوايةِ الأُولى بحَديث: «أعتَقَ صَفيَّةَ وجعَلَ عِتقَها صَداقَها»، فإنَّ أحمَدَ نَصَّ على أنَّ مَنْ قالَ: «أعتَقْتُ أمَتِي وجَعلْتُ عِتقَها صَداقَها» أنه يَنعقدُ نِكاحُها بذلكَ، واشتَرطَ مَنْ ذهَبَ إلى الروايةِ الأُخرى بأنه لا بُدَّ أنْ يَقولَ في مثلِ هذهِ الصُّورةِ: «تَزوَّجتُها»، وهي زِيادةٌ على ما في الخبَرِ وعلى نَصِّ أحمدَ، وأصولُه تَشهدُ بأنَّ العُقودَ تَنعقدُ بما يَدلُّ على مَقصودِها مِنْ قَولٍ أو فِعلٍ (١).

[٢ - لفظ البيع]

اختَلفَ الفُقهاءُ في حُكمِ النِّكاحِ بلَفظِ البَيعِ، هل يَصحُّ؟ أم لا يَصحُّ إلَّا بلَفظِ الإنكاحِ أو التَّزويجِ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ وأكثَرُ المالِكيةِ كابنِ القَصَّارِ والقاضي عبدِ الوهابِ والباجِيِّ وابنِ العرَبيِّ وغيرِهم إلى أنه يَصحُّ النكاحُ ويَنعقدُ بلَفظِ البَيعِ؛ لأنه لَفظٌ يَقتضِي التأبيدَ دُونَ التَّوقيتِ، فيَنعقدُ ب «بِعْتُ» كقولِ الوليِّ: «بِعْتُ لكَ ابنَتي بصَداقٍ قَدرُه كذا، أو: بِعتُكَ ابنَتي بكذا» أو تَقولَ المَرأةُ عندَ الحَنفيةِ: «بِعتُ نفْسِي منكَ»؛ لأنَّ البَيعَ تَمليكٌ، وقد قالَ النبيُّ للرَّجلِ: «قد مَلَّكتُكَها بما معكَ مِنْ القُرآنِ» (٢)، وهذا نَصٌّ، ولأنه أمكَنَ تَصحيحُه بمَجازِه، فوجَبَ تَصحيحُه كإيقاعِ الطَّلاقِ بالكِناياتِ، ولأنه لَفظُ تَمليكٍ لا


(١) «فتح الباري» (٩/ ٢١٥).
(٢) رواه البخاري (٥٥٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>