للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُؤجِّرِ، كاستأجَرتُكَ على فِعلِ كَذا في ذِمَّتِكَ إنْ شِئتَ عَمِلتَه بنَفسِكَ أو بغَيرِكَ، أو على أنْ تَحمِلَني على دَوابِّكَ لِبَلَدِ كَذا؛ فيَجِبُ تَعجيلُ الأجْرِ فيها، وإلَّا أدَّى إلى ابتِداءِ الدَّيْنِ بالدَّيْنِ، بَيانُه أنَّ ذِمَّتَه مَشغولةٌ لَكَ بالدَّابَّةِ، وأنَّ ذِمَّتكَ مَشغولةٌ له بالدَّراهِمِ.

وَهَذا ما لَم يُشرَعْ في المَنافِعِ المَضمونةِ، فإنْ شَرَعَ في السَّيرِ مثلًا جازَ التَّأخيرُ؛ لِانتِفاءِ الدَّيْنِ بالدَّيْنِ حينَئِذٍ، بِناءً على أنَّ قَبضَ الأوائِلِ كَقَبضِ الأواخِرِ؛ لأنَّه لَمَّا شَرَعَ في السَّيرِ كَأنَّه استَوفَى جَميعَ المَنفَعةِ، ولأنَّ نَقدَ أوائِلِ الرُّكوبِ كَقَبضِ جَميعِه؛ إذْ هو أكثَرُ المَقدورِ عليه في قَبضِه.

وليسَ المُرادُ أنَّه لَم يُشرَعْ فيها الآنَ؛ وإنَّما المُرادُ لَم يُشرَعْ فيها بعدَ أكثَرَ مِنْ ثَلاثةِ أيَّامٍ، وتَأخيرُ اليَومَيْنِ والثَّلاثةِ لا يَضُرُّ؛ لأنَّه سَلَمٌ، حتى لَو هَلَكَ يَجري على بابِ السَّلمِ.

وَيَكفي تَعجيلُ اليَسيرِ مِنْ الأجْرِ؛ كالدِّينارِ والدِّينارَيْنِ؛ لِبُعدِ مَسافةِ السَّفَرِ، كالكَرْيِ لِلحَجِّ مثلًا، كانَ ذلك في الإبَّانِ أو قَبلَه، وذلك لِلضَّرورةِ؛ لأنَّه لَو وجبَ تَعجيلُ جَميعِ الأجْرِ في السَّفَرِ البَعيدِ؛ كالحَجِّ ونَحوِه لَضاعَتْ أموالُ النَّاسِ عليهم بسَبَبِ هُروبِ الجَمَّالِينَ بالأجْرِ، ومَحَلُّ كِفايةِ تَعجيلِ اليَسيرِ إذا كانَتِ الأُجرةُ كَثيرةً، وإلَّا فلا بدَّ مِنْ تَعجيلِها كلِّها.

والقولُ قولُ المُكرِي إذا طَلَب التَّعجيلَ في المَضمونةِ، وطَلَب المُكتَرِي الشُّروعَ وعَدَمَ التَّعجيلِ.

متى لا يَجِبُ تَعجيلُ الأُجرةِ:

وَإذا لَم يَكُنِ الأجْرُ مُعيَّنًا، ولا شُرِطَ تَعجيلُه، ولا عُرْفَ بتَعجيلِه

<<  <  ج: ص:  >  >>