ثالثًا: الحقوقُ المُشترَكةُ بيْنَهما:
نَصَّ جَماهيرُ العُلماءِ على أنهُ يَلزمُ كلًّا مِنْ الزَّوجَينِ مُعاشَرةُ الآخرِ بِالمَعروفِ مِنْ الصُّحبَةِ الجَميلةِ وكَفِّ الأَذى، وأنْ لا يُمطِلَه بحقِّهِ معَ قُدرتِه، ولا يَتكرَّهَ لبَذلِ ما عليهِ مِنْ حَقِّ الآخرِ، بل يَبذلُه ببِشرٍ وطَلاقةِ وَجهٍ، ولا يُتبِعُه أذًى أو مِنَّةً؛ لأنَّ هذا مِنْ المَعروفِ المأمُورِ بهِ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [النساء: ١٩]، وقَولِه: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾ [البقرة: ٢٢٨]، قالَ أبو زَيدٍ: تَتَّقونَ اللهَ فيهنَّ كما عَليهنَّ أنْ يَتقينَ اللهَ فيكم، وقالَ ابنُ عبَّاسٍ ﵄: «إنِّي لَأُحبُّ أنْ أتَزيَّنَ للمرأةِ كما أُحبُّ أنْ تَتزيَّنَ لي لقَولِه تعالَى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ﴾.
وحقُّ الزَّوجِ عليها أعظَمُ مِنْ حقِّها عليهِ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ﴾ [البقرة: ٢٢٨]، وقَولِه ﵊: «لو كُنْتُ آمِرًا أحَدًا أنْ يَسجُدَ لأحَدٍ لَأمرْتُ النِّساءَ أنْ يَسجُدنَ لأزواجِهنَّ لِمَا جعَلَ اللهُ عَليهنَّ مِنْ الحقِّ»، وقالَ: «إذا باتَتِ المَرأةُ هاجِرةً فِراشَ زَوجِها لعَنَتْها الملائِكةُ حتَّى تُصبِحَ» مُتفَقٌ عليه.
ويُسَنُّ لكلٍّ منهُما تَحسينُ الخُلُقِ لصاحِبِهِ والرِّفقُ بهِ واحتِمالُ أذاهُ؛ لقَولِه تعالَى: ﴿وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ﴾ [النساء: ٣٦]، قيلَ: هو كلُّ واحدٍ مِنْ الزَّوجَينِ.
وقالَ النَّبيُّ ﷺ: «استَوصُوا بالنِّساءِ، فإنَّ المرأةَ خُلقَتْ مِنْ ضِلعٍ، وإنَّ أعوَجَ شيءٍ في الضِّلعِ أعلاهُ، إنْ ذهَبْتَ تُقِيمُه كَسرْتَه، وإنْ تَركْتَه لم يَزلْ أعوَجَ، استَوصُوا بالنِّساءِ خَيرًا» (١).
(١) رواه البخاري (٣١٥٣، ٤٨٩٠)، ومسلم (١٤٦٨).
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute