للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضَمانُ المَقبوضِ بعَقدٍ فاسِدٍ:

اختلَف الفُقهاءُ في حُكمِ المَقبوضِ بعَقدٍ فاسِدٍ، هل هو مَضمونٌ على مَنْ في يَدِه أو لا؟ على أقوالٍ وتَفصيلٍ في كلِّ مَذهبٍ:

فذهَب الشافِعيَّةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّ المَقبوضَ بشِراءٍ فاسِدٍ يَضمَنُه المُشتَرِي ضَمانَ الغَصبِ بزَوائِدِه؛ لأنَّه قبَضه على وَجْهِ الضَّمانِ، ولا بدَّ، وعليه مُؤنةُ رَدِّه كالمَغصوبِ، وإنْ نقَص ضمِن نُقصانَه، وزَوائِدُه مَضمونةٌ، وفي تَعيُّبِه أرشُ النَّقصِ، وفي تَلَفِه وإتلافِه الضَّمانُ.

قالَ الشافِعيَّةُ: المَقبوضُ بشِراءٍ فاسِدٍ؛ لِفَقدِ شَرطٍ أو لِشَرطٍ فاسِدٍ، يَضمَنُه المُشتَرِي ضَمانَ الغَصبِ؛ لأنَّه مُخاطَبٌ كُلَّ لَحظةٍ مِنْ جِهةِ الشارِعِ برَدِّه؛ فإنْ كانَ تالِفًا لزِمه رَدُّ مِثلِه إنْ كانَ مِثليًّا، وأقصى قِيمةٍ إنْ كانَ مُتقوَّمًا، وإنْ كانَ باقيًا فعليه رَدُّه ومُؤنةُ الرَّدِّ، وليسَ له حَبسُه لِاستِردادِ الثَّمنِ، ولا يَتقدَّمُ به على الغُرَماءِ، كالرَّهنِ الفاسِدِ، وإنْ أنفَقَ عليه لَم يَرجِعْ على البائِعِ بما أنفَقَ، ولو جَهِلَ الفَسادَ.

ولو حَذَفَ العاقِدانِ المُفسِدَ لِلعَقدِ، ولو في مَجلِسِ الخِيارِ، لَم يَنقَلِبْ صَحيحًا؛ إذْ لا عِبرةَ بالفاسِدِ، بخِلافِ ما إذا ألحَقا شَرطًا فاسِدًا أو صَحيحًا في مَجلِسِ الخِيارِ؛ فإنَّه يَلحَقُ العَقدَ؛ لأنَّ مَجلِسَ العَقدِ كالعَقدِ.

ولو باعَ في صَفقةٍ واحِدةٍ حَلالًا وحَرامًا، كأنْ باعَ مُذَكَّاةً ومَيْتةً أو خَلًّا وخَمرًا صَحَّ البَيعُ في الحَلالِ، وبطَل في الحَرامِ.

وفي ذلك يَقولُ النَّوويُّ في الرَّوضةِ: إذا اشتَرَى شَيئًا شِراءً فاسِدًا، إمَّا

<<  <  ج: ص:  >  >>