للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكانَ الشَّافعيُّ يَقولُ: إذا كانَ للمُسلِمِ مَنعُ زوْجتِه المُسلمةِ المَسجدَ وهوَ حقٌّ، كانَ لهُ في النَّصرانيةِ مَنعُ إتيانِ الكَنيسةِ؛ لأنَّه باطِلٌ.

قالَ أبو بَكرٍ: له مَنعُها مِنْ الكَنيسةِ (١).

للزَّوجِ أنْ يَمنعَ زوْجتَه الذمِّيةَ مِنْ شُربِ الخَمرِ وأكلِ الخِنزيرِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الزَّوجِ إذا كانَ مُتزوِّجًا مِنْ ذمِّيةٍ نَصرانيةٍ أو يَهوديةٍ، هل يَجوزُ لهُ أنْ يَمنعَها مِنْ شُربِ الخَمرِ وأكلِ الخِنزيرِ أم لا؟

فذهَبَ الشَّافعيةُ والحَنابلةُ في قَولٍ إلى أنَّ للزَّوجِ أنْ يَمنعَ زوْجتَه الذمِّيةَ أنْ تَشربَ الخَمرَ والنَّبيذَ وما يُسكِرُها، قالَ الشَّافعيةُ: وذلكَ لأمرَينِ:

أحَدُهما: ربُّما أنَّه خافَ على نَفسِه مِنْ سُكرِها بأنْ تَجنيَ عليهِ في حالِ سُكرِها.

والثَّاني: أنَّه ربَّما مَنعتْه في السُّكرِ مِنْ الاستِمتاعِ بها، فصارَ بكلِّ واحِدٍ مِنْ الأمرَينِ غيرَ مُمكَّنٍ مِنْ الاستِمتاعِ، فلذلكَ جازَ أنْ يَمنعَها منهُ قَولًا واحِدًا.

فأمَّا إذا أرادَتْ أنْ تَشربَ مِنْ الخَمرِ والنَّبيذِ ما لا يُسكِرُها فقد اختُلفَ فيهِ على ثَلاثةِ أوجُهٍ:

أحَدُها -وهوَ قولُ أبي عليٍّ ابنِ أبي هُريرةَ-: إنَّ له مَنعُها مِنْ يَسيرِه الَّذي لا يُسكِرُ كما يَمنعُها مِنْ كَثيرِه الَّذي يُسكِرُ؛ لأنَّ حَدَّ المُسكِرِ منهُ غَيرُ مَعلومٍ، وربَّما أسكَرَها اليَسيرُ ولم يُسكِرْها الكَثيرُ؛ لأنَّ السُّكْرَ يَختلفُ


(١) «الأوسط» (٥/ ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>