للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّه لا يَجِبُ التَّتابُعُ في صَومِ الكَفارةِ؛ لأنَّ الأمرَ بالصَّومِ مُطلَقٌ، ولا يَجوزُ تَقييدُه إلا بدَليلٍ، ولأنَّه صامَ الأيامَ الثَّلاثةَ، فلم يَجِبِ التَّتابُعُ فيها كصيامِ المُتمتِّعِ ثَلاثةَ أيامٍ في الحَجِّ، ولأنَّ الصَّحابيَّ إنَّما نقَلَ ذلك على كَونِه قُرآنًا، وإذا لم يَثبُتْ كَونُه قُرآنًا سقَطَ اعتِبارُه رَأسًا (١).

مِقدارُ الإطعامِ لكلِّ يَومٍ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في القَدرِ المُجزِئِ مِنْ الإِطعامِ لكُلِّ مِسكينٍ كلَّ يَومٍ، هل هو نِصفُ صاعٍ أو صاعٌ -كما يَقولُ الحَنفيةُ-؟ أو مُدٌّ هاشِميٌّ -كما يَقولُ المالِكيةُ-؟ أو مُدٌّ بمُدِّ النَّبيِّ كما يَقولُ الشافِعيةُ والحَنابِلةُ-؟ أو أنَّه غيرُ مُقدَّرٍ والرُّجوعُ فيه إلى العُرفِ -كما يَقولُ ابنُ تَيميةَ وابنُ القَيِّمِ؟

فذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ الواجِبَ إخراجُه -لكلِّ مِسكينٍ- نِصفَ صاعٍ مِنْ بُرٍّ أو صاعًا مِنْ تَمرٍ أو شَعيرٍ؛ لما رُويَ عن عُمرَ أنَّه قالَ ليَسارِ ابنِ نُمَيرٍ: «إنِّي أحلِفُ ألَّا أُعطيَ أَقوامًا شَيئًا، ثم يَبدو لي فأفعَلُ، فإذا رَأيتَني فَعَلتُ ذلك فأطعِمْ عنِّي عَشَرةَ مَساكينَ كلَّ مِسكينٍ نِصفَ صاعٍ مِنْ بُرٍّ أو صاعًا مِنْ تَمرٍ أو شَعيرٍ» (٢).


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٤/ ٣١٨، ٣١٩)، رقم (١٦٦٩)، و «الحاوي الكبير» (١٥/ ٣٢٩، ٣٣٠)، و «البيان» (١٠/ ٥٩١، ٥٩٢)، و «مغني المحتاج» (٦/ ٢١٣)، و «الإفصاح» (٢/ ٣٨٣، ٣٨٤)، و «المغني» (١٠/ ١٥)، و «شرح الزركشي» (٣/ ٣٢٨).
(٢) رواه ابن أبي شيبة في «المصنف» (١٢١٩٤)، وعبد الرزاق في «مصنفه» (١٦٠٧٥)، و «الطحاوي في شرح معاني الآثار» (٣/ ١٢١)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (١٩٧٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>