للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَولُنا: إلا بتَراضيهما: حتى لو وهَبَ له ثَوبًا فقبَضَه المَوهوبُ له ثم اختلَسَه منه الواهِبُ واستهلَكَه ضمِنَ قيمَتَه للمَوهوبِ له؛ لأنَّ الرُّجوعَ لا يَصحُّ إلا بتَراضيهما أو بحُكمِ الحاكِمِ ولم يُوجدْ واحِدٌ منهما (١).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه لا يُشترطُ حُكمُ الحاكِمِ للرُّجوعِ في الهِبةِ؛ لأنَّه خيارٌ في فَسخِ عَقدٍ فلا يَفتقِرُ إلى قَضاءِ قاضٍ كفَسخِ العَقدِ في خيارِ الشَّرطِ (٢).

ألفاظُ الرُّجوعِ:

قالَ الحَنفيةُ: وألفاظُ الرُّجوعِ: «رجَعتُ في هِبتي أو ردَدتُها إلى مِلكي أو أبطَلتُها أو نَقضتُها»؛ فإنْ لم يَتلفَّظْ بذلك لكنَّه باعَها أو رهَنَها أو أعتَقَ العَبدَ المَوهوبَ أو دبَّرَه لم يَكنْ ذلك رُجوعًا، وكذا لو صبَغَ الثَّوبَ أو خلَطَ الطَّعامَ بطَعامِ نَفسِه لم يَكنْ رُجوعًا.

ولو قالَ: «إذا جاءَ رأسُ الشَّهرِ فقد ارتَجعتُها» لم يَصحَّ؛ لأنَّ الفُسوخَ لا تَقبلُ التَّعليقَ إذا كانَ فيها مَعنى التَّمليكِ.

وإذا اتَّفَقا على الرُّجوعِ في مَوضعٍ لا يَصحُّ الرُّجوعُ فيه كالهِبةِ للأرحامِ


(١) «الهداية» (٣/ ٢٢٩)، و «الاختيار» (٣/ ٦٤)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٠٦)، و «الجوهرة النيرة» (٤/ ٨٤، ٨٥)، و «اللباب» (١/ ٦١١)، و «ابن عابدين» (٨/ ٤٨٤).
(٢) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٥١١)، و «البيان» (٨/ ١٣١)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٩٥)، و «المغني» (٥/ ٣٩٣)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٨١)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٤٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>