للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رابعًا: الحُرمةُ:

نصَّ الفُقهاءُ على أنَّ النكاحَ يَحرمُ في حالاتٍ:

قالَ الحَنفيةُ: يَحرمُ النكاحُ إنْ تيقَّنَ الجَورَ، بأنْ يَخافَ الجَورَ بحيثُ لا يُمكِنُه الاحترازُ عنهُ؛ لأنَّ النِّكاحَ إنَّما شُرعَ لمَصلحةٍ مِنْ تَحصينِ النَّفسِ وتَحصيلِ الثَّوابِ، وبالجَورِ يأثَمُ ويَرتكِبُ المُحرَّماتِ، فتَنعدمُ المَصالِحُ لرُجحانِ هذهِ المفاسِدِ (١).

وقالَ المالِكيةُ: يَحرمُ النكاحُ على مَنْ لا يَخافُ العنَتَ -أي الوُقوعَ في الزِّنا- إذا لَم يتزوَّجْ وكانَ يُضرُّ بالمَرأةِ لعَدمِ قُدرتِه على الوَطءِ، أو لِعدمِ النَّفقةِ أو التكسُّبِ مِنْ حَرامٍ أو تأخيرِ الصَّلاةِ عن أوقاتِها لاشتِغالِه بتَحصيلِ نَفقتِها.

وهذا إذا لم تَعلمِ المرأةُ بذلكَ، فإنْ عَلِمَتْ بعَجزِه عنِ الوطءِ جازَ النكاحُ إنْ رَضيَتْ، وأمَّا الإنفاقُ مِنْ كَسبٍ حَرامٍ فلا يجوزُ معهُ النكاحُ وإنْ عَلِمَتْ المرأةُ بذلكَ (٢).

وقالَ الشَّافعيةُ: مَنْ لا يَصحُّ نِكاحُه معَ عدمِ الحاجةِ إليهِ فإنهُ يَحرمُ عليهِ النكاحُ.

وكذا يَحرمُ على المَرأةِ إنْ عَلِمَتْ مِنْ نَفسِها عدمَ القيامِ بحُقوقِ الزَّوجِ


(١) «البحر الرائق» (٣/ ٨٤).
(٢) «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ٣، ٤)، و «مواهب الجليل» (٥/ ٢٣)، و «شرح ميارة» (١/ ٢٤٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>