للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذَهب الإمامُ مالِكٌ في رِوايةٍ عنه إلى إباحَةِ السُّننِ في هذه الأوقاتِ، إلا تَحيَّةَ المَسجدِ.

وذَهب الشافِعيَّةُ وأحمدُ في رِوايةٍ إلى جَوازِ الصَّلاةِ ذاتِ السَّببِ كتَحيَّةِ المَسجدِ، وسُجودِ التِّلاوةِ، وسُجودِ الشُّكرِ، وصَلاةِ الكُسوفِ.

وذلك لقولِه : «إذا دخلَ أَحدُكُمُ المَسجدَ فلا يَجلِس حتى يُصلِّيَ رَكعتَينِ» (١)، وقالَ في الكُسوفِ: «إذا رَأَيتُمُوهَا فَصَلُّوا» (٢)، وهذا خاصٌّ في هذه الصَّلاةِ؛ فيُقدَّمُ على النَّهيِ العامِّ في الصَّلاةِ كلِّها، ولأنَّها صَلاةٌ ذاتُ سَببٍ؛ فأشبَهَت ما ثَبت جَوازُه (٣).

قَضاءُ الفَرائِضِ الفائِتةِ في أوقاتِ النَّهيِ:

ذَهب الحَنفيَّةُ إلى أنَّه لا يَجوزُ قَضاءُ الفَوائتِ في الأوقاتِ الثَّلاثةِ التي في حَديثِ عُقبةَ بنِ عامرٍ السابقِ، إلا عَصرَ يَومِه يُصلِّيها قبلَ غُروبِ الشَّمسِ؛ لعُمومِ النَّهيِ، وهو مُتناوِلٌ الفَرائِضَ وغيرَها، «وَلِأَنَّ النَّبيَّ لمَّا نَامَ عَنْ صَلاةِ الفَجرِ حتى طلَعتِ الشَّمسُ، أَخرَهَا حتى ابيَضَّتِ الشَّمسُ» (٤)، ولأنَّها صَلاةٌ، فلم تَجُز في هذه الأوقاتِ كالنَّوافِلِ، ولمَا رُويَ عن أبي بَكرةَ : «أَنَّه نَامَ في دَالِيَةٍ، فَاستَيقظَ عندَ غُروبِ


(١) رواه البخاري (٤٣٣، ١١١٠)، ومسلم (٧١٤).
(٢) رواه البخاري (٩٩٣)، ومسلم (٩٠٤).
(٣) «معاني الآثار» (٢/ ٢٩٢، ٢٩٣)، و «بداية المجتهد» (١/ ١٤٩)، و «كفاية الأخيار» (١٧٥، ١٧٦)، و «المغني» (٢/ ٣١٤)، و «شرح مسلم» (٦/ ١٠٥)، و «الإفصاح» (١/ ٢٠١).
(٤) رواه البخاري (١/ ٣٤٤)، ومسلم (٦٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>