للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب في البُيوعِ المَنهيِّ عنها

النَّهيُ لُغةً: الزَّجرُ عنِ الشَّيءِ، وهو: ضِدُّ الأمْرِ.

واصطِلاحًا: طَلَبُ الكَفِّ عنِ الفِعلِ على جِهةِ الِاستِعلاءِ.

والأصلُ في البَيعِ الإباحةُ والصِّحَّةُ، حتى يَقومَ الدَّليلُ على الحَظْرِ أو الفَسادِ. والدَّليلُ على ذلك هو قَولُ اللَّهِ تَعالى في كِتابِه العَزيزِ: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ﴾ [البقرة: ٢٧٥]، فإنَّه عامٌّ في إباحةِ جَميعِ البُيوعِ.

ودَليلُ العُمومِ هو: أنَّ لَفظَ البَيعِ مُفرَدٌ مُحَلًّى بالألِفِ واللَّامِ، والمُفرَدُ المُحَلَّى بالألِفِ واللَّامِ يُفيدُ العُمومَ عندَ أهلِ الأُصولِ، إذا لَم يَكُنْ هُناكَ عَهدٌ مُطلَقًا، ولا قَصدٌ إلى إرادةِ الحَقيقةِ والماهيَّةِ؛ فصارَ حاصِلُ مَعنَى الآيةِ: أنَّ كُلَّ بَيعٍ حَلالٌ، أخْذًا بعُمومِ اللَّفظِ، غيرَ أنَّ أهلَ العِلمِ لَم يَختَلِفوا في أنَّ هذه الآيةَ، وإنْ كانَ مَخرَجُها مَخرَجُ العُمومِ، فقد لَحِقَها التَّخصيصُ؛ لأنَّهم -كما يَقولُ أبو بَكرٍ الجَصَّاصُ- مُتَّفِقونَ على حَظرِ كَثيرٍ مِنْ البِياعاتِ، نَحوَ بَيعِ ما لَم يُقبَضْ، وبَيعِ ما ليسَ عندَ الإنسانِ، وبَيعِ الغَرَرِ، والمَجاهيلِ، وعَقدِ البَيعِ على المُحرَّماتِ مِنْ الأشياءِ، وقد كانَ لَفظُ الآيةِ يُوجِبُ جَوازَ هذه البِياعاتِ، وإنَّما خُصَّتْ مِنها بدَلائِلَ، إلَّا أنَّ تَخصيصَها

<<  <  ج: ص:  >  >>