للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ شَيخُ الإسلامِ ابنُ تَيميَّةَ : التَّحقيقُ أنَّ المُتعاقدَيْنِ إنْ عَرفَا المَقصودَ انعَقدَتْ بأيِّ لَفظٍ كانَ مِنْ الألفاظِ التي عَرفَ بها المُتعاقدانِ مَقصودَهما، وهذا عامٌّ في جَميعِ العُقودِ؛ فإنَّ الشَّارِعَ لَم يَحُدَّ حَدًّا لِألفاظِ العُقودِ، بَلْ ذكرَها مُطلَقةً، فكَما تَنعقِدُ العُقودُ بما يَدلُّ عليها مِنْ الألفاظِ الفارِسيةِ والرُّوميَّةِ وغَيرِهما مِنْ الألسُنِ العَجَميَّةِ، فهي تَنعقِدُ بما يَدلُّ عليها مِنْ الألفاظِ العَربيَّةِ (١).

وقالَ ابنُ القيِّمِ : وهذا قولُ جُمهورِ العُلماءِ، كمالِكٍ، وأبي حَنيفةَ، وهو أحَدُ القوليْنِ في مَذهبِ أحمدَ، قالَ شَيخُنا: بل نُصوصُ أحمدَ لا تَدُلُّ إلا على هذا القَولِ (٢).

مَنْ دفعَ إلى غَيرِه شَيئًا لِيَعمَلَه مِنْ غيرِ عَقدٍ ولا شَرطٍ ولا تَعريضٍ بأُجرةٍ:

اختَلفَ الفُقهاءُ فيمَن عَمِلَ لِغَيرِه عَملًا مِنْ غيرِ عَقدٍ ولا شَرطٍ ولا تَعريضٍ بأجْرٍ، ولَم يَكُنْ مُتبرِّعًا، هَلْ يَستَحقُّ أُجرةً لِما عَمِلَه أو لا؟

فذهبَ المالِكيَّةُ إلى أنَّ كلَّ مَنْ عَمِلَ لِغَيرِه مِنْ مالٍ أو غَيرِه، بأمرِه أو بغَيرِ أمرِه، نَفَذَ ذلك؛ فإنْ كانَ مُتبرِّعًا لَم يَرجِعْ به، أو غيرَ مُتبرِّعٍ، وهو مَنفَعةٌ، فلَه أُجرةُ مِثلِه، أو مالٌ، فلَه أخذُه مِمَّنْ دفعَه عنه، بشَرطِ أنْ يَكونَ المَعمولُ


(١) «مجموع الفتاوى» (٢٠/ ٥٣٣).
(٢) «إعلام الموقعين» (٢/ ٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>