للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الشَّافعيةُ: تأخُذُ صَداقَ المِثلِ باعتِبارِ أفضلِ الحالاتِ، ويَسقطُ ما عَداها؛ لأنَّ الوَطآتِ كُلَّها مَنافِعُها، فلها الأخذُ بأيِّها أَحبَّتْ (١).

هـ- المُكرَهةُ على الزِّنا:

اختَلفَ الفُقهاءُ في المَرأةِ المُكرَهةِ على الزِّنا، هل يَجبُ لها مَهرُ المِثلِ أم لا؟

فذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ المالِكيَّةُ والشَّافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ المَرأةَ المُكرَهةَ على الزِّنا يَجبُ لها مَهرُ المِثلِ؛ لقَولِ النَّبيِّ : «فلَها المَهرُ بما استَحلَّ مِنْ فَرْجِها»، فإنَّ المُكرِهَ مُستحِلٌّ لفرْجِها، فإنَّ الاستِحلالَ الفِعلُ في غَيرِ مَوضعِ الحِلِّ، كقَولِه : «ما آمَنَ بالقُرآنِ مَنِ استَحلَّ مَحارِمَه»، وهوَ حُجَّةٌ على مَنْ أوجَبَ الأرْشَ؛ لكَونِه أوجَبَ المَهرَ وحْدَه مِنْ غَيرِ أرْشٍ، ولأنهُ استَوفى ما يَجبُ بَدلُه بالشُّبهةِ، فوجَبَ بَدلُه كإتلافِ المالِ وأكْلِ طَعامِ الغَيرِ.

وإذا تَعدَّدَ الوَطءُ وجَبَ بكلِّ وَطءٍ مَهرٌ؛ لأنَّ كلَّ وَطأةٍ لو كانَتْ بعْدَ عَقدٍ أوجَبَتْ مَهرَ المِثلِ، ولأنَّ الوُجوبَ هُنا بالإتلافِ وقَد تَعدَّدَ.

قالَ الحَنابلةُ: لكنْ لو اتَّحَدَ الإكراهُ وتَعدَّدَ الوطءُ فالواجِبُ مَهرٌ واحِدٌ (٢).


(١) «الذخيرة» (٤/ ٣٧٠، ٣٧١).
(٢) «عقد الجواهر الثمينة» (٢/ ٤٨١)، و «الذخيرة» (٤/ ٣٧٠، ٣٧١)، و «شرح مختصر خليل» (٣/ ٢٧٧، ٢٧٨)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٣/ ١٦٧، ١٦٨)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٥/ ١٢٤، ١٢٦)، و «روضة الطالبين» (٥/ ١٤٨)، و «أسنى المطالب» (٣/ ٢١٠)، «المبدع» (٧/ ١٧٤)، و «الإنصاف» (٨/ ٣٠٩)، و «كشاف القناع» (٥/ ١٧٩، ١٨٠)، و «شرح منتهى الإرادات» (٥/ ٢٨٠)، و «مطالب أولي النهى» (٥/ ٢٢٢، ٢٢٥)، و «منار السبيل» (٣/ ٣٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>