للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَجهيزُ المَرأةِ نَفسَها بالمهرِ:

لا خِلافَ بينَ علماءِ المُسلمِينَ أنَّ الزوجةَ لا يَجبُ عليها تَجهيزُ بيتِها إذا لم يُعطِها الزوجُ مهرَها.

إلا أنَّ الفقهاءَ اختَلفوا فيما لو أعطَى الزوجُ إلى زَوجتِه المهرَ، هل يَلزمُها أنْ تتجهَّزَ بجهازِ العُرسِ بهذا المَهرِ؟ أم لا يَلزمُها ويكونُ المهرُ خالصَ حقِّها؟

فذهَبَ جَماهيرُ أهلِ العِلمِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ (والظاهِريةُ) وابنُ وَهبٍ مِنَ المالِكيةِ إلى أنه لا يَجبُ على المرأةِ أنْ تجهِّزَ نفسَها بالمهرِ، وأنَّ المهرَ خالصٌ لها تتصرَّفُ فيه كيفَما شاءَتْ، وليسَ عليها أنْ تَشتريَ به أو تُعِدَّ به بيتَ الزَّوجيةِ، ولا يُوجَدُ نصٌّ ولا شيءٌ ورَدَ في الشريعةِ الإسلاميةِ أنه يَجبُ عليها ذلكَ، ولا يجبُ على وليِّها أيضًا؛ لأنه لم يُوجدْ نصٌّ مِنْ الشريعةِ يُوجبُ عليه ذلكَ، إلا أنْ تتَطوَّعَ بذلك أو وليُّها كما هو العُرفُ في كثيرٍ مِنْ بلدانِ المسلمينَ الآنَ كمِصرَ أنْ يُجهِّزَ والدُ الزوجةِ نصفَ ما يَستلزمُ البيتُ مِنْ المَفروشاتِ، فهذا تَبرعٌ منه غيرُ واجبٍ.

والدليلُ على أنَّ المهرَ مِلكُ المرأةِ وحقُّها قولُه ﷿: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾ [النساء: ٤]، أضافَ المهرَ إليها، فدَلَّ أنَّ المهرَ حقُّها ومِلكُها، ولأنه بَدلُ بُضعِها، وبضعُها حقُّها ومِلكُها، وقولُه ﷿: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (٤)[النساء: ٤]، وقولُه تعالَى: ﴿مِنْهُ﴾ أي مِنَ الصداقِ؛ لأنه هو المُكَنَّى السابقُ، أباحَ للأزواج التناوُلَ مِنْ مُهورِ النساءِ إذا

<<  <  ج: ص:  >  >>