للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الحَنابِلةُ: يُشترَطُ في المُوكَّلِ فيه أنْ يَكونَ مَعلومًا، فلا يَصحُّ التَّوكيلُ إنْ قالَ المُوكِّلُ لِوَكيلِه: اشتَرِ ما شِئتَ، أوِ اشتَرِ عَبدًا بما شِئتَ؛ لأنَّ ما يُمكِنُ شِراؤُه والشِّراءُ به يَكثُرُ، فيَكثُرُ فيه الغَرَرُ، حتى يُبيِّنَ لِلوَكيلِ نَوعًا وقَدْرَ ثَمَنٍ يُشترَى بهِ؛ لأنَّ الغَرَرَ لا يَنتَفِي إلَّا بذِكْرِ الشَّيئَيْنِ، ما لَم يَكُنْ مِقدارُ ثَمَنِه مَعلومًا بينَ النَّاسِ، كَمَكِيلٍ ومَوزونٍ؛ لأنَّه لا غَرَرَ فيه ولا ضَرَرَ.

وإنْ قالَ لِوَكيلِه: اشتَرِ كذا وكذا، لا يَصحُّ التَّوكيلُ؛ لِلجَهالةِ.

ولو قالَ لِوَكيلِه: اشتَرِ لي ما شِئتَ مِنْ المَتاعِ الفُلانيِّ، لَم يَصحَّ؛ لأنَّه قَدْ يَشتَري ما لا يَقدِرُ على ثَمَنِه (١).

الوَكالةُ بجُعلٍ وبِغيرِ جُعلٍ:

لا خِلافَ بَينِ الفُقهاءِ في أنَّ الوَكالةَ تَجوزُ بجُعلٍ مَعلومٍ، كَدَراهِمَ أو دَنانيرَ أو دِرهَمٍ صِفَتُه كذا أيَّامًا مَعلومةً، بأنْ يُوكِّلَه عَشَرةَ أيَّامٍ، كلُّ يَومٍ بدِرهَمٍ، أو يُعطيَه مِنْ الألْفِ مثلًا شَيئًا مَعلومًا، كَعَشَرةٍ؛ لأنَّه كانَ يَبعَثُ عُمَّالَه لِقَبضِ الصَّدَقاتِ، ويَجعَلُ لهم على ذلك جُعلًا، ولِهذا قالَ له أبناءُ عَمِّهِ: لو بَعَثْتَنَا على هذه الصَّدَقاتِ فنُؤَدِّيَ إلَيكَ ما يُؤدِّي النَّاسُ، ونُصيبَ ما يُصيبُه النَّاسُ. يَعنيانِ العَمالةَ.

وَتَجوزُ بغيرِ جُعْلٍ؛ فإنَّ النَّبيَّ وكَّل أُنيسًا في إقامةِ الحَدِّ، وعُروةَ في شِراءِ شاةٍ، وعَمْرًا وأبا رافِعٍ في قَبولِ النِّكاحِ بغيرِ جُعلٍ.


(١) «المغني» (٥/ ٥٥)، و «مطالب أولي النهى» (٣/ ٤٣٣، ٤٣٥) «الإنصاف» (٥/ ٣٩٢)، و «كشاف القناع» (٣/ ٥٦٢، ٥٦٣)، و «منار السبيل» (٢/ ١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>