للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَنْ استَيقَظَ من نَومِه وقد ضاقَ وَقتُ الصَّلاةِ فهل يَتيممُ لإدراكِ الوَقتِ أو لا؟

قالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ : وإذا استَيقظَ آخِرَ وَقتِ الفَجرِ فإذا اغتسَلَ طلَعَت الشَّمسُ، فجُمهورُ العُلماءِ هنا يَقولونَ: يَغتسلُ ويُصلِّي بعدَ طُلوعِ الشَّمسِ، وهذا مَذهبُ أبي حَنيفةَ والشافِعيِّ وأحمدَ، وهو أحدُ القَولَينِ في مَذهبِ مالِكٍ، وقالَ في القَولِ الآخَرِ: بل يَتيممُ هنا ويُصلِّي قبلَ طُلوعِ الشَّمسِ؛ لأنَّ الصَّلاةَ في الوَقتِ بالتَّيممِ خَيرٌ من الصَّلاةِ بعدَه بالغَسلِ.

والصَّحيحُ قَولُ الجُمهورِ؛ لأنَّ الوَقتَ في حَقِّ النائِمِ هو من حينِ يَستيقظُ، كما قالَ النَّبيُّ : «مَنْ نَسيَ صَلاةً أو نامَ عنها فكَفارَتُها أنْ يُصليَها إذا ذكَرَها» (١).

فالوَقتُ في حَقِّ النائِمِ هو مِنْ حيثُ يَستيقظُ قبلَ طُلوعِ الشَّمسِ، فلم يُمكنْه الاغتِسالُ والصَّلاةُ إلا بعدَ طُلوعِها فقد صلَّى الصَّلاةَ في وَقتِها ولم يُفوِّتْها بخِلافِ مَنْ استَيقظَ في أولِ الوَقتِ؛ فإنَّ الوَقتَ في حَقِّه قبلَ طُلوعِ الشَّمسِ فليسَ له أنْ يُفوِّتَ الصَّلاةَ وكذلك مَنْ نَسيَ صَلاةً وذكَرَها؛ فإنَّه حينَئذٍ يَغتسلُ ويُصلِّي في أيِّ وَقتٍ كان، وهذا هو الوَقتُ في حَقِّه، فإذا لم يَستيقظْ إلا بعدَ طُلوعِ الشَّمسِ كما استَيقظَ النَّبيُّ لمَّا ناموا عن


(١) رواه البخاري (٥٧٢)، ومسلم (٦٨٤)، واللفظ له.

<<  <  ج: ص:  >  >>