للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ الهُمامِ الحَنفيُّ : ولا تُعتبَرُ الكَفاءةُ عِندَنا في السَّلامةِ مِنَ العُيوبِ التي يُفسَخُ بهَا البَيعُ، كالجُذامِ والجُنونِ والبَرَصِ والبَخَرِ والدَّفرِ (١).

وذهَبَ الإمامُ ابنُ القَيِّمِ إلى أنَّ الكَفاءةَ إنَّما تَكونُ في الدِّينِ فقطْ.

قالَ : فالَّذي يَقتضِيهِ حُكمُه اعتِبارُ الدِّينِ في الكَفاءةِ أصلًا وكَمالًا، فلا تُزوَّجُ مُسلِمةٌ بكافرٍ، ولا عَفيفةٌ بفاجِرٍ، ولم يَعتبِرِ القُرآنُ والسُّنةُ في الكَفاءةِ أمرًا وراءَ ذلكَ، فإنه حرَّمَ على المُسلمةِ نِكاحَ الزَّاني الخَبيثِ، ولمْ يَعتبِرْ نَسبًا ولا صِناعةً ولا غِنًى ولا حُريةً، فجوَّزَ للعبدِ القِنِّ نِكاحَ الحُرَّةِ النَّسيبةِ الغَنيةِ إذا كانَ عَفيفًا مُسلِمًا، وجوَّزَ لغَيرِ القُرشيِّينَ نِكاحَ القُرشيَّاتِ، ولغَيرِ الهاشِميِّينَ نكاحَ الهاشِميِّاتِ، وللفقَراءِ نِكاحَ المُوسِراتِ (٢).

ما يَترتَّبُ على تَخلُّفِ الكَفاءةِ:

الكَفاءةُ -كما تَقدَّمَ- تَختلِفُ مِنْ مَذهبٍ لآخَرَ، إلا أنَّ الكَفاءةَ إذا تَخلَّفتْ عندَ مَنْ يَشترطُونَها لصحَّةِ النكاحِ (وهُمُ الحَنابلةُ في روايةٍ مُرجَّحةٍ في المَذهبِ) فإنَّ النكاحَ يَكونُ باطِلًا أو فاسِدًا.

أمَّا مَنْ لا يَعتبِرونَ الكَفاءةَ لصحَّةِ النكاحِ (وهُمُ الجُمهورُ الحَنفيةُ والمالِكيةُ والشافِعيةُ والحَنابلةُ في المَذهبِ) فيَرَونَ أنَّ الكَفاءةَ حقٌّ للمَرأةِ وللأولياءِ، فيَجوزُ ترْكُها إذا رَضيَا جَميعًا بتَركِها ويَصحُّ النكاحُ.


(١) «شرح فتح القدير» (٣/ ٢٩٥)، و «البحر الرائق» (٣/ ١٤٣).
(٢) «زاد المعاد» (٥/ ١٥٩، ١٦٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>