للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَسلُ المِرفَقينِ في الوُضوءِ:

اختَلفَ الفُقهاءُ في المِرفَقينِ هل يَجبُ غَسلُهما مع اليَدينِ في الوُضوءِ أو لا يَجبُ؟

فذهَبَ أبو حَنيفةَ ومالِكٌ والشافِعيُّ وأحمدُ في المَشهورِ عنه إلى وُجوبِ غَسلِ المِرفَقينِ مع اليَدينِ في الوُضوءِ لقَولِه تَعالى: ﴿وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ [المائدة: ٦].

وذهَبَ زُفَرُ من الحَنفيةِ وبَعضُ أَصحابِ مالِكٍ، والإمامُ أحمدُ في رِوايةٍ إلى عَدمِ وُجوبِ غَسلِ المِرفَقِ مع اليَدِ.

قالَ ابنُ رُشدٍ : والسَّببُ في اختِلافِهم في ذلك: الاشتِراكُ الذي في حَرفِ (إلى) وفي اسمِ (اليَدِ) في كَلامِ العَربِ، وذلك أنَّ حَرفَ (إلى) مَرةً يَدلُّ في كَلامِ العَربِ على الغايةِ، ومَرةً يَكونُ بمَعنى مع، واليَدُ أيضًا في كَلامِ العَربِ تُطلقُ على ثَلاثةِ مَعانٍ: على الكَفِّ فقط، وعلى الكَفِّ والذِّراعِ، وعلى الكَفِ والذِّراعِ والعَضُدِ.

فمَن جعَلَ (إلى) بمَعنى (مع) أو فهِمَ من اليَدِ مَجموعَ الثَّلاثةِ، أوجَبَ دُخولَها في الغُسلِ، ومَن فهِمَ من (إلى) الغايةَ، ومن اليَدِ ما دونَ المِرفَقِ ولم يَكُنِ الحَدُّ عندَه داخِلًا في المَحدودِ لم يُدخلْهما في الغَسلِ، وخرَّجَ مُسلمٌ في صَحيحِه (١) عن أبي هُريرةَ : «أنَّه غسَلَ يَدَه اليُمنى حتى أشرَعَ في العَضُدِ ثم اليُسرى كذلك، ثم غسَلَ رِجلَه اليُمنى حتى أشرَعَ في


(١)

<<  <  ج: ص:  >  >>