للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُحاسَبةُ ناظِرِ الوَقفِ:

قالَ الحَنفيةُ: يَنبغِي للقاضي أنْ يُحاسِبَ الأُمَناءَ بما جَرى على أيديهم مِنْ أموالِ اليَتامى وغلَّاتِهم كُلَّ سِتةِ أشهُرٍ وكلَّ سَنةٍ على حَسبِ ما يَرَى، حتى يَنظُرَ هل أدَّى الأمانةَ فيما فُوِّضَ إليه أو خانَ؟ فإنْ أدَّى الأمانةَ قرَّرَه عليهِ، وإنْ خانَ استَبدلَ غيرَه.

وكانَ عُمرُ يُحاسِبُ الأُمَناءَ كلَّ سَنةٍ، وكذلكَ يُحاسِبُ القُوَّامَ على الأوقافِ، ويَقبلُ قَولَهُم في مِقدارِ ما حصلَ في أيديهِم مِنْ الغلَّاتِ والأموالِ، الوَصيُّ والقيِّمُ في ذلكَ على السَّواءِ؛ فإنَّ الأصلَ في الشرعِ أنْ القَولَ قَولُ القاضي في مِقدارِ المَقبوضِ وفيما يُخبِرُ مِنْ الأوقافِ على اليَتيمِ أو على الضَّيعةِ، وما صُرِفَ منها في مُؤناتِ الأراضي، إنْ كانَ وَصيًّا يُقبلُ قَولُه في المُحتمِلِ، وإنْ كانَ فيما لا يُحتملُ لا يُقبلُ (١).

وقالَ ابنُ رُشدٍ في ناظرِ وَقفٍ على نِساءٍ: ولو كُنَّ غيرَ مالِكاتٍ لأُمورِ أنفُسِهنَّ لَوجَبَ إذا ثبَتَ عندَ السُّلطانِ أنه سَيِّئُ النظرِ غيرُ مَأمونٍ أنْ يَعزِلَه ويُقدِّمَ سِواهُ، ولم يَلتفِتْ إلى رِضا مَنْ رَضيَ به مِنهنَّ (٢).

وقالَ الحَنابلةُ: لأهلِ الوَقفِ مُطالَبةُ الناظِرِ بانتِساخِ كِتابِ الوَقفِ؛ لتَكونَ نُسخُه في أيديهِم وَثيقةً، والسُّؤالُ عن حالِه.


(١) «المحيط البرهاني» (٨/ ٥١٣)، و «البحر الرائق» (٥/ ٢٦٢)، و «الهندية» (٣/ ٣٤٩).
(٢) «البيان والتحصيل» (١٢/ ٢٢٣)، و «مواهب الجليل» (٧/ ٥٠١، ٥٠٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>