للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ ابنُ عَبدِ الحَكمِ مِنْ المالِكيةِ إلى أنَّ الزَّوجةَ إذا مَرضَتْ فيُلزَمُ الزوجُ بأجرَةِ الطَّبيبِ والمُداوةِ، قالَ الإمامُ خَليلٌ: وهو الظاهِرُ (١).

فَسخُ النِّكاحِ بسَببِ إعسارِ الزَّوجِ:

اتَّفقَ الفُقهاءُ على أنَّ الزوجَ إذا كانَ مُوسرًا ثم أعسَرَ إلا أنه يُنْفِقُ نَفقةَ المُعسرينَ أنه لا يُفسخُ النكاحُ.

قالَ الإمامُ الماوَرديُّ : إعسارُ الزَّوجِ بنَفقةِ المُوسِرِ وهي مُدَّانِ وقُدرتُه على نَفقةِ المُعسرِ وهي مَدٌّ فلا يُوجِبُ للزَّوجةِ خِيارًا وإنْ كانَتْ مِنْ ذَوي الأقدارِ، وهذا مُجمَعٌ عليهِ (٢).

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختَلفُوا فيما إذا أعسَرَ الزوجُ ولم يَستطعْ أنْ يُنفِقَ على زَوجتِه، هل لها أنْ تَفسخَ النكاحَ حِينئذٍ؟ أم ليسَ لها فسخُ النكاحِ وتُنفِقُ على نَفسِها؟ أم تَستدينُ عليه؟

فذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في مُقابلِ الأظهَرِ إلى أنه لا يُفرَّقُ بينَ الزَّوجينِ بعَجزِه عن النَّفقةِ، وتُؤمَرُ بالاستِدانةِ عليهِ، لقَولِه تعالَى: ﴿وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ﴾ [البقرة: ٢٨٠]، فكانَ على عُمومِه في وُجوبِ إنظارِ كلِّ مُعسرٍ بحَقٍّ، وغايَةُ النَّفقةِ أنْ تكونَ دَينًا في الذِّمةِ، وقد أعسَرَ بها


(١) «التوضيح في شرح مختصر ابن الحاجب» (٥/ ١٣٢)، و «تحبير المختصر» (٣/ ٤٠٩)، و «منح الجليل» (٤/ ٣٩٢).
(٢) «الحاوي الكبير» (١١/ ٤٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>