للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشَّرطُ الثَّاني: أنْ يَكونَ النِّكاحُ صَحيحًا:

اختَلفَ الفُقهاءُ في الرَّجلِ إذا تَزوَّجَ المَرأةَ في نِكاحٍ فاسِدٍ ثمَّ قذَفَها، هل يَصحُّ لِعانُه أم لا؟ بعدَ إجماعِهِم على صِحَّةِ اللِّعانِ في النكاحِ الصحيحِ إذا تَوفَّرتْ شُروطُه.

فذهَبَ الشافِعيةُ والحَنابلةُ إلى أنَّ مَنْ نكَحَ امرَأةً نِكاحًا فاسِدًا ثمَّ قذَفَها وبينَهُما وَلدٌ يُريدُ نفْيَه فله أنْ يُلاعِنَ لنَفيهِ ولا حَدَّ عليه، وإنْ لم يَكنْ بينَهُما وَلدٌ حُدَّ ولا لِعانَ بينَهما؛ لأنَّ هذا وَلدٌ يَلحقُه بحُكمِ عَقدِ النكاحِ، فكانَ له نفيُه كما لو كانَ النكاحُ صَحيحًا، ويُفارِقُ إذا لم يَكنْ وَلدٌ؛ فإنه لا حاجةَ إلى القَذفِ لكَونِها أجنَبيةً، ويُفارِقُ سائِرَ الأجنَبياتِ؛ لأنه لا يَلحقُه ولَدُهنَّ، فلا حاجةَ بهِ إلى قَذفِهنَّ، ويُفارِقُ الزوجةَ؛ فإنه يَحتاجُ إلى قَذفِها مع عَدمِ الوَلدِ؛ لكَونِها خانَتْه وغاظَتْه وأفسَدَتْ فِراشَه، فإذا كانَ له مِنها وَلدٌ فالحاجةُ مَوجودةٌ فيهما، وإذا لاعَنَ سقَطَ الحَدُّ؛ لأنه لِعانٌ مَشروعٌ لنَفيِ الحَدِّ، فأسقَطَ الحدَّ كاللِّعانِ في النكاحِ الصحيحِ (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ إلى أنَّ مَنْ تَزوَّجَ امرَأةً نِكاحًا فاسِدًا ثمَّ قذَفَها لم يُلاعِنْها؛ لعَدمِ الزوجيَّةِ؛ إذِ النكاحُ الفاسِدُ ليسَ بنِكاحٍ حَقيقةً، ويَلحقُه الوَلدُ وليسَ له نفيُه، ولأنَّ قطْعَ النَّسبِ يَكونُ بعدَ الفراغِ مِنْ اللِّعانِ، ولا لِعانَ إلا بعدَ وُجوبِه، ولا وُجوبَ؛ لعَدمِ شَرطهِ وهو الزَّوجيةُ (٢).


(١) «المغني» (٨/ ٤٥).
(٢) «بدائع الصنائع» (٣/ ١٤١).

<<  <  ج: ص:  >  >>